المهذبين، فنسمع قوله تعالى: " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ".
وهنا أيضا ندع الكلام (لسيد قطب) يشرح لنا هذه الصفة التربوية الأخلاقية لعباد الرحمن تعتبر مكملة للصفة السابقة.
يقول السيد قطب: " وهم - أي عباد الرحمن - في جدهم ووقارهم وقصدهم إلى ما يشغل نفوسهم من إهتمامات كبيرة، لا يلتفتون إلى حماقة الحمقى وسفه السفهاء، ولا يشغلون بالهم ووقتهم وجهدهم بالاشتباك مع السفهاء والحمقى في جدال أو عراك ويترفعون عن المهاترة مع المهاترين الطائشين: " وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " لا عن ضعف ولكن عن ترفع، ولا عن عجز إنما عن استعلاء وعن صيانة للوقت والجهد أن ينفقا فيما لا يليق بالرجل الكريم المشغول عن المهاترة مما هو أهم وأكرم وأرفع ".
ونتابع صفات عباد الرحمن، فيقول الله عز وجل: " والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما، والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما ".
ولا حاجة بنا أن نعيد ما ذكرناه من قبل عن أهمية العبادة، ثم الاعتماد في التربية على المراقبة الداخلية وتربية الحس والشعور بالواجب عن طريق الشعور بالمراقبة الإلهية وخشيته وتقواه والتحرر بعد ذلك من سائر القيود.
ويلي ذلك صفات أخرى تتعلق بالناحية الاقتصادية، إذ أن الإسلام كما قلنا يعالج التربية بشكل كلي شامل، فيربي الشخصية بجميع جوانبها لتكون متكاملة متماسكة " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " فهنا يضع قانونا اقتصاديا يحدد به التصرف بالإنفاق، وتظهر هنا ظاهرة