والتحدث إليهم، فيقول له: " واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ".
إن من صفات الشخصية المنسجمة المتزنة أن تحسن أدب الحديث مع الناس، فتعبر عن رأي صائب وفكر واضح نير، والصوت المعتدل يعبر عن صفاء الذهن وانبساط الشخصية وانطلاقها، ويعبر عن الرزانة ورباطة الجأش والجرأة والانسجام الاجتماعي. بينما نرى أن الشخصية المفككة يصعب على صاحبها التفكير السليم، فتخرج نبراته مفككة على مثال شخصيته، ونرى ضعيف التفكير وفاقد التهذيب الذي لا يملك الوسائل المعقولة التي توصله إلى هدفه عن طريق الكلام المقنع واللسان الهادئ، نرى مثل هذا يحاول أن يسيطر على محدثه بصوته الأجش الغليظ النابي، ليعوض بذلك عن قصوره وسوء تعبيره، ولكنه في الواقع قد أظهر ضعفه وانحلال خلقه وقصر باعه. فأصبح كالحمار يملأ الأرض إزعاجا بنهيقه، فينفر من حوله ويضيق به ذرعا. فالصوت ظاهرة مهمة تعبر عن شخصية صاحبها وقد قيل: " إن من البيان لسحرا " والسحر ينفذ إلى الأعماق ويحرك القلوب ويثير الشعور ويدفع إلى التعاطف مع محدثه.
وكثيرا ما استطعنا الحكم على الأشخاص من سماع أصواتهم، فنقول فلان منعزل عن المجتمع منطو على نفسه، وفلان شخص اجتماعي منطلق، وثالث نقول عنه قليل الحياء والأدب منحط الأخلاق سئ الطبع، وآخر نقول عنه إنه شخص مهذب مربي حسن السلوك، وفلان سئ التفكير ضعيف الثقافة. وفلان قوي التفكير منسجم مع نفسه واضح البيان، كما أننا نتعرف على حالته العاطفية فنقول: إنه مذعور، أو حزين أو فرح مسرور، إلى غير ذلك من التعابير، مما يجعل للصوت أثره الكبير في التربية.
وننتهي من وصايا لقمان لابنه، لنعود ثانية إلى صفات عباد الرحمن