والطبع السليم فتدع لهم المجال واسعا، للأوبة والتفكير عما جنت أيديهم، بإمكانهم أن يكونوا من المهتدين.
ويعد الله عز وجل مثل هؤلاء الذين استيقظ ضميرهم وأرادوا العودة والمآب، بأن سيئاتهم ستبدل حسنات، فيشعروا بالطمأنينة والإعتزاز وينسوا ماضيهم الأسود بعد أن أنابوا إلى الله فأكرمهم وتقبل توبتهم، وبذلك ينعدم الأثر اللاشعوري للجريمة، فلا تتكون العقد النفسية المختلفة، وإنما تصبح هذه النفوس صافية سليمة مندفعة نحو الخير وبقبول التوبة يزول ما يسمى الشعور بالخطيئة التي تقض مضجع المجتمع الغربي لاعتقاد أفراده أن الإنسان مفطور على الشر وهو مسؤول عن خطيئة آدم، ولذلك نجد المجتمع الغربي قد انقسم إلى فئتين: فئة أظهرت اللامبالاة وانغمست في الرذيلة وعكفت على شهواتها ونسيت إنسانيتها وانحدرت إلى مراتب الحيوانية، وهناك فئة أخرى انقطعت للعبادة والتنسك وقاومت ما في طبيعتها من ميول فطر الإنسان عليها، لكي تكفر عن الخطيئة التي ولدت وهي تحملها، فنشأ عن ذلك صراع بين المادة والروح وانقسام في الشخصية وانحلال في الأسرة.
أما الإسلام فيعتبر أن الأصل طهارة النفس إذا أحسنت التربية، وليس على الإنسان وزر خطيئة غيره " كل نفس بما كسبت رهينة " " ولا تزر وازرة وزر أخرى " فكل امرئ مسؤول عما يفعل هو دون سواه. وإذا كانت بعض النفوس تميل في بعض فتراتها إلى المعصية فإن باب التوبة مفتوح على مصراعيه ويضع قاعدة التوبة وشرطها: " ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا "... فالتوبة تبدأ بالندم والإقلاع عن المعصية، وتنتهي بالعمل الصالح الذي يثبت أن التوبة صحيحة وأنها جدية، وهو في الوقت ذاته ينشئ التعويض الإيجابي في النفس للإقلاع عن المعصية. فالمعصية عمل وحركة يجب ملء فراغه