الاعتدال والتوازن التي أنصف بها الإسلام في جميع تشريعاته، فيبين أن عباد الرحمن ينصفون بالاعتدال، فهو إذا أنفقوا، إنما ينفقون على قدر حاجاتهم فلا يبذرون فيبددون مالهم بغير فائدة ترجى، فيضر صاحب المال نفسه وجماعته ويحرم غيره ممن هو في حاجة إلى فضل ماله الذي يبدده على غير هدى. كما أن عباد الرحمن لا يقترون على أنفسهم دون سرف أو تقتير.
" والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون، ومن يفعل ذلك يلق أثاما، يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا ".
وهنا نجد أن التربية الإسلامية تعمل على إيجاد الانسجام والالتئام بين أفراد المجتمع، فلا يعتدي فرد على آخر بدون حق، فيقضي على حياته فتشيع بذلك الفوضى والفزع والاضطراب بين الأفراد ويفرق بينهم، ولذلك أنذر الله عز وجل من يفعل ذلك بعاقبة سيئة فينال العذاب المقيم والمهانة الدائمة ومثل الاعتداء على الحياة، الاعتداء على الأعراض، إذ أن ذلك يشيع الفاحشة بين أفراد المجتمع ويذهب الثقة من نفوسهم وتضطرب حياة الأسرة ويسيطر عليها الانحلال، فيفقد بذلك المجتمع أهم مقوماته. " إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما، ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ".
ومهما يكن المجتمع سليما لا يمكن أن يصل لمرحلة المثالية ولا بد من وجود بعض الأفراد الذين يرتكبون في فترة من فترات حياتهم بعض الآثام والجرائم. إلا أن هؤلاء لا يقطع عليهم المجتمع الإسلامي سبيل العودة إلى الرشد والصواب وإلى صف المجتمع السليم، ولا يدع مثل هؤلاء الأفراد صرعى اليأس فيعيثون في المجتمع فسادا، فالتربية الإسلامية لا تزال تلتمس فيهم عنصر الخير