الريب والدخيلة والإصرار على التمتع بما يرى من تبرج ويتوقع من تهافت، ثم يحسبون ذلك من جميل ما يتسم به العهد الحديث، وأن التخلق به من محاسن العصر دونما تفكير بما يجره علينا من مساوئ نتردى معها إلى هوة الذل والانكسار، وهكذا مشى الأبناء في إقناع آبائهم إلى أن الرقص الذي يزاوج بين المرأة والرجل وهما أجنبيان، قد أصبح من الأخلاق التي يمتاز بها الحاضر عن الماضي.
ومن أخلاق هذا العصر السباحة المختلطة، فلقد شوهد أن المرأة بين الرجال مجردة من كل ما يستر جسدها ما عدا عضوا واحدا لو كان جميلا لما سترته، بينما نجدها في المحافل والمجالس تحرص على أن لا يظهر من جسدها ما فوق الساق، ولكنها إذ تريد السباحة، يحق لها عرفا أن ترتدي (المايوه) وهو لباس العوم القاصر على ذلك العضو، ثم ترتدي (الروب) معطف التبذل فوقه وتقطع الشوارع هكذا إلى المسبح، بينما العرف يقضي عليها أن لا تطل على الشارع من شرفة منزلها وهي في هذا المعطف.
فالأخلاق وليدة اصطلاح الأمة وتواطؤها فيما تقول وتفعل ما عدا السئ منها فإنه من وضع النفس الأمارة بالسوء لا من وضع المجتمع.
إذن فالأخلاق منها ما تضعه الخاصة من الأمة كما يضعون الدساتير والشرائع لحماية الإنسانية والأخلاق علم بذاته لا يقل تقويما في كيان المجتمع عن القوانين لأنه تراث إنساني، وأما النظم والدساتير فهي تراث سياسي والأخلاق أعرق في بناء الأمة من القوانين والنظم، ولهذا قد نجد الأنظمة خالدة معمرة تحتاج الأمة في تطبيقها إلى قوة وإكراه، بخلاف العادات والأخلاق التي هي أبدا عرضة للتطور والتحويل والتي تسري في الأمة دونما إكراه على التطبيق.
فالإمام يحث على تحرير الأجيال في عاداتها بعد أن يطمئن إلى أن الدين