تفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ".
يردد علي هذه الألحان، ألحان الرحمة للرعية في أكمل صورها وأسمى ألوانها. وهي ألحان لا تعرفها القوانين المدنية، لأنها لا تتفجر إلا من القلوب المؤمنة المخبتة لربها، المتطلعة إلى خالقها. القلوب التي تجافي الظلم وتحاربه وتبرأ منه، لأنه من ظلم عباد الله كان الله خصمه ليس الشعب فحسب، وإنما خصيمه الأول والأكبر جبار السماوات والأرضين... وأين منه المهرب؟!
ولكي تحصل هذه المشاركة الوجدانية، ولكي تؤتي أكلها يجب على الوالي أن يخالط الرعية وأن يمكنهم من مخالطته ومطالعته بما يريدون، لأن احتجابه عنهم سبب لجهله بأحوالهم، وسبب لانصراف قلوبهم عنه وتفاقم موجدتهم عليه.
قال عليه السلام:
"... فلا تطولن احتجابك عن رعيتك، فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق، وقلة علم بالأمور. والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير، ويقبح الحسن ويحسن القبيح، ويشاب الحق بالباطل. وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور، وليست على الحق سمات تعرف بها ضروب الصدق من الكذب ".
ولكي يبقى ما بين الوالي ورعيته من وشائج الود، ويبقى ما للوالي في قلوب الرعية من جميل الأثر وحسن الظن، يجب عليه أن يبدد من أذهانهم كل ما يتوهمون فيه الظلم والحيف، فيبين لهم خطته، ويشرح لهم نهجه ليؤيدوا سياسته عن قناعة بها وإيمان بصلاحها وجدواها. ويجب عليه ألا يمن على