إلى عهد قريب شعوب تدعي أنها تمشي في طليعة الحضارة ".
وكثيرا ما حض الإسلام على الرفق بهم وإكرامهم وحسن معاملتهم، كقوله (ص): " أوصاني حبيبي جبرئيل بالرفق بالرقيق، حتى ظننت أن الناس لا تستعبد ولا تستخدم ". وقوله: " إن إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ". وقوله: " أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، فإن جاءوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم ". وقوله: (ص): " إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين، فإنه ولي علاجه ".
وله (ص) في هذا أحاديث شتى، حتى لقد أمر بأن ينادى الرقيق بكلمات لا تؤذي " لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، وليقل فتاي وفتاتي ".
وإنه ليضرب (صلوات الله وسلامه عليه) أعظم المثل في السماحة بقوله:
" إنهم إخوانكم " وبقوله: " إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد ". وبوصاته بهم في خطبة الوداع. وفي قوله قبيل وفاته:
" الصلاة وما ملكت أيمانكم " ورأى رجلا على دابة وغلامه يسعى خلفه، فقال " يا عبد الله احمله خلفك فإنما هو أخوك. وروحه مثل روحك ".
فأين هذه السماحة النبيلة مما عرفناه عن أكثر الأمم القديمة والحديثة من قسوة على الأرقاء وإهدار لكرامتهم؟ ولعمر الحق إن العبد المملوك في حكم الإسلام الأول كان أعز نفسا وأطيب عيشا من جميع الأحرار الذين ابتلوا في هذه العصور بحكم دول الإفرنج من غيرهم أو نفوذهم.