قال الراغب: الأول اسم الفاعل والثاني قيل مثله، وقيل هو أفعل من كذا، أي للتفضيل، لأن ذلك من فقدان البصيرة، ويصح أن يقال فيه ما أفعله، فهو أفعل من كذا؛ ومنهم من جعل الأول من عمى القلب (1)، والثاني على عمى البصر، وإلى هذا ذهب أبو عمرو، رحمه الله تعالى، فأمال الأول لما كان من عمى القلب وترك الإمالة في الثاني لما كان اسما، والاسم أبعد من الإمالة.
وتعامى الرجل: أظهره، يكون في العين والقلب.
وفي الصحاح: أرى من نفسه ذلك.
والعماءة والعماية والعمية، كغنية ويضم في الأخير: الغواية واللجاج في الباطل.
والعمية، بالكسر والضم مشددتي الميم والياء: الكبر أو الضلال وهو من ذلك؛ ومنه الحديث: " من قتل تحت راية عمية "، أي في فتنة أو ضلال، وهي فعيلة من العمى، الضلالة كالقتال في العصبية والأهواء؛ روي بالوجهين.
وقتل فلان عميا، وهو فعيلى من العمى، كرميا من الرمي وخصيصى من التخصيص، وهي مصادر، أي لم يدر من قتله ومن قتل، كذلك فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدية.
والأعماء: الجهال، جمع أعمى، كذا في النسخ.
وفي المحكم: الأعماء المجاهل، يجوز كون واحدها عمى.
ووقع في بعض نسخ المحكم الجاهل، وهو غلط، وكذلك سياق المصنف فيه غلط من وجهين: الاول: تفسير الأعماء بالجهال وإنما هي المجاهل؛ والثاني: جعله جمعا لأعمى وإنما هي جمع عمى، فتأمل.
والأعماء: أغفال الأرض التي لا عمارة بها، أو لا أثر للعمارة بها؛ كما في الصحاح؛ قال رؤبة:
وبلد عامية أعماؤه * كأن لون أرضه سماؤه (2) كالمعامي، الواحدة معمية قياسا.
قال ابن سيده: ولم أسمع بواحدتها.
* قلت: واحدتها عمى على غير قياس.
والأعماء: الطوال من الناس، عن ابن الأعرابي، هو جمع عام كناصر وأنصار.
وأعماء عامية مبالغة، كما في قول رؤبة السابق، أي متناهية في العمى كليل لائل وشغل شاغل، كأنه قال: أعماؤه عامية، فقدم وأخر، وقلما يأتون بهذا الضرب من المبالغ به إلا تابعا لما قبله، لكنه اضطر.
ولقيته صكة عمي، كسمي، هذا هو المشهور في المثل وبه جاء لفظ الحديث. وصكة عمي، بالضم وسكون الميم: جاء هكذا في الشعر، يعني قول رؤبة:
صكة عمي زاخرا قد أترعا * إذا الصدى أمسى بها تفجعا (3) أراد صكة عمي فلم يستقم له فقال عمي.
ويقال أيضا: صكة أعمى، وفي الحديث: " نهى عن الصلاة إذا قام قائم الظهيرة صكة عمي "، أي في أشد الهاجرة حرا، ولا يقال إلا في القيظ، لأن الإنسان إذا خرج وقتئذ لم يقدر أن يملأ عينيه من ضوء الشمس.
وقال ابن سيده: لأن الظبي يطلب الكناس إذا اشتد الحر وقد برقت عينه من بياض الشمس ولمعانها، فيسدر بصره حتى يصك كناسه لا يبصره.
وفيه أيضا: أنه كان يستظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان صكة عمي، يريد الهاجرة، والأصل فيها أن عميا مصغر مرخم كأنه تصغير أعمى؛ قاله ابن الأثير؛ أي أنه