وعنوت للحق: خضعت وأطعت؛ ومنه قوله تعالى: (وعنت الوجوه للحي القيوم) (1).
وقيل: كل خاضع لحق أو غيره: عان.
وقيل: معنى عنت الوجوه استأسرت؛ وقيل: ذلت؛ وقيل: نصبت له وعملت له؛ وقيل: هو وضع الجبهة والركبة واليد في الركوع والسجود.
وأعنيته أنا: أي أبقيته أسيرا وأخضعته.
وعنوت الشيء: أبديته وأظهرته.
وعنوت به: أخرجته.
وفي الصحاح: عنوت الشيء أخرجته وأظهرته.
والعنوة: الاسم منه، أي من كل مما ذكر؛ كما في المحكم.
والعنوة: القهر. يقال: أخذه عنوة، أي قسرا، وفتحت هذه المدينة عنوة، أي بالقتال، قوتل أهلها حتى غلبوا عليها وعجزوا عن حفظها فتركوها وجلوا من غير أن يجرى بينهم وبين المسلمين فيها عقد صلح، فالإجماع على أن العنوة هي الأخذ بالقهر والغلبة.
وتأتي العنوة بمعنى المودة (2) أيضا؛ نقله ابن سيده، وهي في معنى الطاعة والتسليم، فهو ضد، قالوا وقد تكون عن طاعة وتسليم ممن يؤخذ منه الشيء؛ وأنشد الفراء:
فما أخذوها عنوة عن مودة * ولكن ضرب المشرفي استقالها (3) قالوا: وهذا على معنى التسليم والطاعة بلا قتال.
ونسب عبد القادر بن عمر البغدادي في بعض رسائله القول المشهور للعامة وأنهم زعموا ذلك، وأن العنوة تكون عن طاعة وتسليم أيضا، واستدل بالبيت الذي أنشده الفراء.
* قلت: المعنيان صحيحان والإجماع على الأول، وهي لغة الخاصة وقد تكرر ذكرها في الحديث، وفسرت بما ذكرنا ونسبتها للعامة بمجرد قول الشاعر غير صواب، وقد قرر العلامة ياقوت الرومي في معجمه قول الشاعر فقال: هذا تأويل في هذا البيت على أن العنوة بمعنى الطاعة، ويمكن أن يؤول تأويلا يخرجه عن أن يكون بمعنى الغصب والغلبة فيقال: إن معناه فما أخذوها غلبة وهناك مودة بل القتال أخذها عنوة، كما تقول ما أساء إليك زيد عن محبة، أي وهناك محبة بل بغضة، وكما تقول: ما صدر هذا الفعل عن قلب صاف، أي وهناك قلب صاف بل كدر؛ ويصلح أن يجعل قوله أخذوها دليلا على الغلبة والقهر، ولولا ذلك لقال: فما سلموها، فإن قائلا لو قال أخذ الأمير حصن كذا السبق الوهم وكان مفهومه أنه أخذه قهرا؛ ولو أن قائلا قال: إن أهل حصن كذا سلموه لكان مفهومه أنهم إذ عنوا به عن إرادة واختيار، وهذا ظاهر. ثم قال: والإجماع على أن العنوة بمعنى القهر والغلبة.
والعواني: النساء لأنهن يظلمن فلا ينتصرن؛ ومنه الحديث: اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم.
قال ابن الأثير: أي أسراء، أو كالأسراء، الواحدة عانية.
والتعنية الحبس، وقد عناه إذا حبسه حبسا طويلا مضيقا عليه؛ وقيل: كل حبس طويل تعنية.
وفي حديث علي يوم صفين: استشعروا الخشية وعنوا بالأصوات، أي احبسوها وأخفوها، كأنه نهاهم عن اللغط في الأصوات.
والتعنية: أخلاط من بول وبعر يحبس مدة، ثم يطلى بها البعير الجرب، كالعنية، كغنية.
وقيل: العنية أبوال الإبل تستبان (4) في الربيع حين تجزأ عن الماء ثم تطبخ حتى تخثر ثم يلقى عليها من زهر ضروب العشب وحب المحلبه فيعقد بذلك ثم