فلما تعرفن أصواتنا * بكين وفديتنا بالأبينا (1) وعلى هذا قرأ بعضهم: (له أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق) (2) يريد جمع أب أي أبينك، فحذف النون للإضافة؛ نقله الجوهري.
قال ابن بري: وشاهد قولهم: أبان في تثنية أب قول تكتم بنت الغوث:
باعدني عن شتمكم أبان * عن كل ما عيب مهذبان (3) وقالت الشنباء بنت زيد بن عمارة:
نيط بحقوي ماجد الأبين * من معشر صيغوا من اللجين (4) قال: وشاهد أبون في الجمع قول الشاعر:
أبون ثلاثة هلكوا جميعا * فلا تسأم دموعك أن تراقا (5) قال الأزهري والكلام الجيد في جمع الأب الآباء، بالمد.
وأبوت وأبيت صرت أبا؛ وما كنت أبا ولقد أبوت أبوة، وعليه اقتصر الجوهري؛ ويقال: أبيت؛ وكذلك ما كنت أخا ولقد أخوت وأخيت، وأبوته إباوة، بالكسر: صرت له أبا؛ والاسم الإبواء؛ قال بخدج:
* اطلب أبا نخلة من يأبوكا * * فقد سألنا عنك من يعزوكا * * إلى أب فكلهم ينفيكا (6) * وقال ابن السكيت: أبوت له آبوه إذا كنت له أبا.
وقال ابن الأعرابي: فلان يأبوك، أي يكون لك أبا، وأنشد لشريك بن حيان العنبري يهجو أبا نخيلة السعدي:
فاطلب أبا نخلة من يأبوكا * وادع في فصيلة تؤويكا (7) قال ابن بري: وعلى هذا ينبغي أن يحمل قول الشريف الرضي:
تزهى على ملك النساء * فليت شعري من أباها؟
أي من كان أباها، قال: ويجوز أن يريد أبويها فبناه على لغة من يقول أبان وأبون.
وقال أبو عبيد: تأباه أبا، أي اتخذه أبا؛ وكذا تأماها أما، وتعممه عما.
وقالوا في النداء: يا أبت افعل، بكسر التاء وفتحها.
قال الجوهري: يجعلونه علامة التأنيث عوضا من ياء الإضافة، كقولهم في الأم: يا أمت (8)، وتقف عليها بالهاء إلا في القرآن فإنك تقف عليها بالتاء اتباعا للكتاب، وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث بالتاء فيقولون: يا طلحة؛ قال: وإنما لم تسقط التاء في الوصل من الأب، وسقطت من الأم إذا قلت يا أم أقبلي، لأن الأب لما كان على حرفين كان كأنه قد أخل به، فصارت الهاء لازمة وصارت التاء (9) كأنها بعدها، انتهى.
قال سيبويه: وسألت الخليل عن قولهم: يا أبه، بالهاء ويا أبت ويا أبتاه ويا أمتاه، فزعم أن هذه الهاء مثل الهاء في عمه وخاله، قال: ويدلك على أن الهاء بمنزلة الهاء في عمه وخاله أنك تقول في الوقف يا أبه، كما تقول يا