* قالت سليمى هلكوا يسارا (1) * وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم " يروى برفع الكاف وفتحها، فمن رفع الكاف أراد أن الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله تعالى يقولون هلك الناس، أي: استوجبوا النار والخلود فيها لسوء أعمالهم، فإذا قال الرجل ذلك فهو أهلكهم، وقيل: هو أنساهم لله تعالى، ومن روى بفتح الكاف أراد فهو الذي يوجب لهم ذلك لا الله تعالى.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته " حض على تعجيل الزكاة من قبل أن تختلط بالمال فتذهب به، ويقال: أراد تحذير العمال اختزال شيء منها وخلطهم إياه بأموالهم، وفي التنزيل: (وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا) (2). وهلكه يهلكه هلكا بمعنى أهلكه لازم متعد قال أبو عبيدة: أخبرني رؤبة أنه يقال: هلكتني بمعنى أهلكتني قال: وليست بلغتي، قال أبو عبيدة: وهي لغة تميم، وأنشد الجوهري للعجاج:
ومهمه هالك من تعرجا * هائلة أهواله من أدلجا (3) أي مهلك، كما يقال: ليل غاض أي مغض، ويقال: هالك المتعرجين، أي من تعرج فيه هلك.
ورجل هالك من قوم هلكى قال الخليل: إنما قالوا هلكى وزمنى ومرضى؛ لأنها أشياء ضربوا بها، وأدخلوا فيها. وهم لها كارهون ويجمع أيضا على هلك وهلاك كسكر ورمان، قال جميل:
أبيت مع الهلاك ضيفا لأهلها * وأهلي قريب موسعون ذوو فضل (4) وقال أبو طالب:
يطيف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل (5) وهوالك أيضا، ومنه المثل: فلان هالك من الهوالك، وأنشد أبو عمرو لابن جذل الطعان:
تجاوزت هندا رغبة عن قتاله * إلى مالك أعشو إلى ذكر مالك فأيقنت أني ثائر ابن مكدم * غداة إذ أو هالك في الهوالك قال: وهذا شاذ على ما فسر في فوارس، قال ابن بري: يجوز أن يريد هالك في الأمم الهوالك، فيكون جمع هالكة على القياس، وإنما جاز فوارس لأنه مخصوص بالرجال، فلا لبس فيه، قال: وصواب إنشاد البيت:
* فأيقنت أني عند ذلك ثائر (7) * والهلكة محركة، والهلكاء بالفتح: الهلاك، ومنه قولهم: هي هلكة هلكاء وهو توكيد لها، كما يقال: همج هامج. وقال أبو عبيد: يقال: وقع فلان في الهلكة الهلكى، والسوأة السوأى. وقولهم: لأذهبن فإما هلك وإما ملك، بفتحهما وبضمهما ومر في " م ل ك " أنه يثلث أي: إما أن أهلك وإما أن أملك نقله ابن السكيت. واستهلك المال: أنفقه وأنفده أنشد سيبويه:
تقول إذا اهلكت مالا للذة * فكيهة هشيئ بكفيك لائق (8) قال سيبويه: يريد هل شيء فأدغم اللام في الشين، وليس ذلك بواجب كوجوب إدغام الشم والشراب، ولا جميعهم يدغم هل شيء. وأهلكه: باعه وفي بعض أخبار هذيل: أن حبيبا الهذلي قال لمعقل بن خويلد: ارجع إلى قومك. قال: كيف أصنع بإبلي؟ قال: أهلكها، أي: بعها.
ومن المجاز: المهلكة، ويثلث: المفازة لأنها تهلك الأرواح فيها، قاله الزمخشري، وقال غيره: لأنها تحمل على الهلاك، وفي حديث التوبة: " وتركها بمهلكة " (9) بفتح اللام وكسرها أيضا، والجمع المهالك. والهلكون كحلزون، وتكسر الهاء أيضا، وهذه عن ابن بزرج: الأرض الجدبة وإن كان فيها ماء، وقال ابن بزرج يقال: هذه أرض هلكين أي جدبة، كذا ذكره ابن فارس (10) وأرض هلكون: إذا لم