بوك وبيك، كركع فيهما الأخيرة حكاها ابن الأعرابي، وهو مما دخلت فيه الياء على الواو بغير علة إلا القرب من الطرف، وإيثار التخفيف، كما قالوا: صيم في صوم، ونيم في نوم، وأنشد: ألا تراها كالهضاب بيكا * متاليا جنبى وعوذا ضيكا (1) جنبى: أراد كالجنبى؛ لتثاقلها في المشي من السمن؛ والضيك: التي تفاج من شدة الحفل، وهي بائكة سمينة خيار فتية حسنة، وقد باكت تبوك، قاله الكسائي من نوق بوائك وهي السمان، قال ذو الخرق الطهوي:
فما كان ذنب بني مالك * بأن سب منهم غلام فسب عراقيب كوم طوال الذرى * تخر بوائكها للركب (2) وقال الأصمعي: البائك والفاشج (3): الناقة العظيمة السنام، والجمع البوائك وقال النضر: بوائك الإبل: كرامها وخيارها. وباك الحمار الأتان يبوكها بوكا: نزا عليها، نقله الجوهري، وكذلك كامها كوما، هذا هو الأصل، وقد يستعمل في الآدمي، كما سيأتي. وقال ابن الأعرابي: باك البندقة يبوكها بوكا: دورها بين راحتيه، ومنه حديث ابن عمر: أنه كانت له بندقة من مسك، وكان يبلها ثم يبوكها بين راحتيه، فتفوح روائحها. قال: وباك المتاع بوكا: باعه، وحكي عن أعرابي أنه قال: معي درهم بهرج لا يباك به شيء، أي لا يباع. أو باكه: إذا اشتراه حكاه ابن الأعرابي أيضا. وباك العين يبوكها بوكا: ثور ماءها بعود ونحوه ليخرج وبه سميت تبوك، كما يأتي قريبا. ومن المجاز: باك المرأة بوكا: جامعها نقله ابن بري، قال: وهو مستعار من بوك الحمار الأتان، وأنشد أبو عمرو:
فباكها موثق النياط ليس كبوك بعلها الوطواط (4) وأنشد الصاغاني لزينب بنت أوس بن مغراء تهجو حيي بن هزال التميمي:
باك حيي أمه بوك الفرس * نشنشها أربعة ثم جلس وفي الحديث: أنه رفع إلى عمر بن عبد العزيز أن رجلا قال لآخر، وذكر امرأة أجنبية إنك تبوكها، فجلده عمر، وجعله قذفا. وأصل البوك في ضراب البهائم وخاصة الحمير، فرأي عمر ذلك قذفا وإن لم يكن صرح بالزنا، وفي حديث سليمان بن عبد الملك: أن فلانا قال لرجل من قريش: علام تبوك يتمك في حجرك؟ فكتب إلى ابن حزم أن اضربه الحد. وباك الأمر أي: أمر القوم بوكا: اختلط. وباك القوم رأيهم بوكا: اختلط عليهم، فلم يجدوا له مخرجا، كانباك عليه أمره، وهذه عن ابن عباب. وقال أبو زيد: لقيته أول صوك، وأول بوك أي: أول مرة وهو كقولك: أول ذات بدء، أو أول شيء وهذا نص أبي زيد. والمباوك (5) بضم الميم: المخالط في الجوار والصحابة عن ابن عباد.
وتبوك: أرض بين الشام والمدينة وفي العباب: بين وادي القرى والشام، وإليها نسبت غزوة من غزواته صلى الله عليه وسلم، واختلف في وزنها، ووجه تسميتها، قال الأزهري (6): فإن كانت التاء في تبوك أصلية فلا أدري مم اشتقاق (7) تبوك، وإن كانت للتأنيث في المضارع فهي من باكت تبوك، ثم قال: وقد يكون تبوك على تفعول، وقرأت في الروض للسهيلي ما نصه: غزوة تبوك سميت بعين تبوك، وهي العين التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ألا يمسوا من مائها شيئا، فسبق إليها رجلان وهي تبض بشيء من ماء، فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها، فسبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لهما فيما ذكره القتبي: ما زلتما تبوكانها منذ اليوم، قال: فبذلك سميت العين تبوك، ووقع في السيرة: فقال: من سبق إلى هذا؟ فقيل له: يا رسول الله فلان وفلان وفلان، وقال الواقدي فيما ذكر لي: سبقه إليها أربعة من المنافقين: معتب بن قشير، والحارث بن يزيد الطائي، ووديعة بن ثابت، وزيد بن نصيب.