وقال مزاحم العقيلي في تثنيته:
أتحسبها تصوب مأقييها * غلبتك والسماء وما بناها ويروى:
* أتزعمها يصوب ماقياها * وفي الحديث: " كان يمسح المأقيين ". وقال الشاعر:
كأن اصطفاق المأقيين بطرفها * نثير جمان أخطأ السلك ناظمه وماقها بترك الهمزة في اللغة الأولى، عن أبي الهيثم، قالت الخنساء:
* ما إن يجف لها من عبرة ماقي (1) * قال: ويقال أيضا: موقئها، ويهمز في اللغة الرابعة، فيقال: هذا مأقيها وليس لهذا نظير في كلام العرب، فيما قال نصير النحوي؛ لأن ألف كل فاعل من بنات الأربعة مثل داع وقاض ورام وعال لا يهمز. وحكى الهمز في المأقي خاصة. وموقها بترك الهمز في اللغة الثانية عن أبي الهيثم وأمقها ومقيتها، بضمهما أي: بضم هذين الأخيرين. أما أمق فقال اللحياني: القلب في مأق فيمن لغته مأق، ومؤق: أمق العين؛ لأنهم وجدوه في الجمع كذلك، وقد تقدم ذكره للمصنف في " أ م ق ". وأما المقية فموضع ذكره المعتل، على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. فهذه عشر لغات: خمسة منها ذكرها أبو الهيثم، والسابعة الفراء وابن السكيت ونصير، والسادسة والثامنة والتاسعة اللحياني. ثم شرع المصنف في ضبط هذه اللغات بقوله: كمعق، ومعق بالفتح والضم ومعط، وقاض، ومال، وموقع على صيغة اسم الفاعل ومأوي الإبل بكسر الواو وسوق. وفاته: ماقئ كضارب وموقئ كمعسر ذكرهما اللحياني وابن بري الأولى بالهمز في اللغة السادسة، فصارت اللغات اثنتي عشرة.
وأنشد أبو زيد في تثنية اللغة الأولى:
* يا من لعين لم تذق تغميضا * * وماقئين اكتحلا مضيضا * وقد ذكر المصنف هاتين اللغتين في تركيب " م ق أ " من باب الهمز، وقال هناك: هذا موضع ذكرهما لا القاف، كما وهم الجوهري. وذكرنا هناك أن ابن القطاع صرح بزيادة همزتها أو الياء، مع أن الجوهري رحمه الله تعالى لم يذكر هاتين اللغتين هنا، وإنما ذكر المؤق والمأق والمأقى فتأمل ذلك.
وقال أبو علي: من قال ماق فالأصل ماقئ، ووزنه فالع، وكذلك جمعه مواق، ووزنه فوالع، فأخرت الهمزة وقلبت ياء، والدليل على ذلك ما حكي عن أبي زيد أن قوما يحققون الهمزة، فيقولون: ماقئ العين، قال الجوهري: مأقي العين لغة في مؤق العين، وهي فعلي، وليس بمفعل؛ لأن الميم من نفس الكلمة، وإنما زيد في آخره الياء للإلحاق، فلم يجدوا له نظيرا يلحقونه به؛ لأن فعلي، بكسر اللام نادر، لا أخت لها فألحق بمفعل، فلهذا جمعوه على مآق (2) على التوهم، كما جمعوا مسيل الماء أمسلة ومسلانا، وجمعوا المصير مصرانا تشبيها لهما بفعيل على التوهم.
وقال ابن السكيت: ليس في ذوات الأربعة مفعل، بكسر العين، إلا حرفان: مأقي العين، ومأوي الإبل. قال الفراء سمعتهما، والكلام كله مفعل، بالفتح نحو: رميته مرمى، ودعوته مدعى، وغزوته مغزى، وظاهر هذا القول - إن لم يتأول على ما ذكرناه - غلط، انتهى نص الجوهري.
قلت: ونص الفراء في باب مفعل ما نصه: ما كان من ذوات الياء والواو من دعوت وقضيت فالمفعل فيه مفتوح اسما كان أو مصدرا، إلا المأقي من العين، فإن العرب كسرت هذا الحرف قال: وروي عن بعضهم أنه قال: في مأوى الإبل مأوي. فهذان نادران لا يقاس عليهما.
قال ابن بري - عند قوله: وإنما زيد في آخره الياء للإلحاق قال - الياء في مأقي العين زائدة لغير إلحاق، كزيادة الواو في عرقوة وترقوة، وجمعها مآق كعراق وتراق، ولا حاجة إلى تشبيه مأقي العين بمفعل في جمعه، كما ذكر في قوله فلهذا جمعوه على مآق على التوهم لما قدمت