الحج إنما هي من بقاياها كما هو معلوم. والحنيفية هي الدين الذي يحترمه العربي ويقدسه ويعنو له - إن كل ذلك، وغيره من أمور قد أكسب قريشا شرفا، ومنحها مكانة، ونفوذا وخطرا، وأصبح الناس عامة ينظرون إلى قريش نظرة فيها الكثير من الاحترام والتقديس والاكبار.
والشواهد على هذا كثيرة، ويكفي أن نذكر قول قصي لقريش: (قد حضر الحج، وقد سمعت العرب ما صنعتم، وهم لكم معظمون) (1).
وقول أبي طالب حين تزويج خديجة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الحمد لرب هذا البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وأنزلنا حرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه) (2).
وعليه، فإنه إذا كانت قريش من نسل إسماعيل، وتحترم دين الحنيفية.
وإذا كانت مكة تعتبر حتى من العرب، أهل الحرب والغارة، حرما يأمن من لجأ إليه، وقد يلتقي العربي فيها بقاتل ولده، أو أبيه، فلا يؤذيه، ولا يستطيع أن يثأر منه.
وإذا كان تقديس مكة قد بلغ عندهم هذا الحد، فإن من الطبيعي أن يكون لسادة مكة نصيب وافر من هذا التقديس. وأن يتميزوا على سائر الناس باحترام خاص. أضف إلى ذلك سدانتهم للبيت الذي تفد إليه العرب من جميع الأقطار والأنحاء.
وإذا كانت قريش وخصوصا الهاشميون ترى: أن شرفها، وسؤددها، ومجدها، وحتى اقتصادها، مرتبط بالبيت ومتصل به اتصالا وثيقا، فمن