قالوا: (وكان قوله - أي عمرو بن لحي - فيهم كالشرع المتبع، لشرفه فيهم، ومحلته عندهم، وكرمه عليهم) (1).
فشاعت عبادة الأصنام بين العرب، وأصبحت كل قبيلة تضع لها صنما على الكعبة، تختلف إليه من جميع الأقطار، حتى صار بها أكثر من (300) صنما، أو تنصبه في الموضع المناسب لها، فإذا أرادوا الحج وقفوا عند الصنم، وصلوا عنده، ثم يلبون حتى يصلوا إلى مكة (2).
واتخذ أهل كل دار صنما يعبدونه في دارهم، فإذا أراد الرجل سفرا تمسح به حين يركب، وإذا قدم تمسح به أول ما يصل قبل أن يصل إلى أهله.
وكان ذلك هو حجة من قال: إن العرب لم تكن تعبد الأصنام قبل عمرو بن لحي (3).
وثمة رأي آخر يقول: إن بني إسماعيل كانوا لا يفارقون مكة حتى كثروا، وضاقت بهم مكة، ووقعت بينهم الحروب والعداوات، وأخرج بعضهم بعضا، فاضطروا إلى التفرق في البلاد، وما من أحد منهم إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم، فحيث ما نزلوا، وضعوه فطافوا به، كطوافهم بالكعبة، حتى أدى بهم ذلك إلى عبادة تلك الحجارة. ثم جاء من بعدهم، فنسوا ما كان عليه آباؤهم من دين إسماعيل، فعبدوا الأوثان (4) وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم