وكذلك فإنه قد حاول أن يوجه الشدة والقسوة إلى حيث تكون في صالح الدين والانسان. ومثمرة للحق والخير، والحفاظ عليهما.
والنصوص الدالة على ذلك كثيرة جدا، ويكفي أن نشير إلى قوله تعالى:
﴿أشداء على الكفار، رحماء بينهم﴾ (١) وقوله تعالى: ﴿يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم﴾ (٢) و ﴿وقاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة﴾ (3) والآيات والروايات في هذا المجال كثيرة جدا، فهو يريد الشدة في دفع الظلم والانحراف. والحفاظ على الحق، وأن لا تأخذ المؤمن في الله لومة لائم. ويريد أن تتحول هذه الشدة إلى رحمة وحنان وسلام فيما بين المؤمنين أنفسهم.
وهكذا يقال بالنسبة إلى سائر الصفات المتقدمة، فإن من يراجع النصوص القرآنية، والأحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن آله المعصومين (عليهم السلام)، لا يبقى لديه أدنى شبهة فيما ذكرناه من أن الاسلام قد صب كل اهتمامه على توجيه الصفات الحسنة، والتصرف في دوافعها وأهدافها، وجعلها تصب في مصلحة الدين والأمة، والقضاء على الصفات الذميمة، التي تقضي على سعادة البشر، وتهدم بناء الحق الشامخ.
ولسوف يأتي في الفصل الثالث، حين الكلام عن العوامل التي ساعدت على انتشار الاسلام وانتصاره، أن هذه المميزات والخصائص قد أدت دورا هاما في ذلك، فإلى هناك.