واليهود أيضا كانوا يعظمونها، ويدعون أنهم يعبدون الله فيها على دين إبراهيم (عليه السلام). ويقولون: إنه كان فيها تماثيل وصور، منها تمثال إبراهيم وإسماعيل، وبأيديهما الأزلام، وأن فيها صورتا العذراء والمسيح، ويشهد على ذلك تعظيم النصارى لأمرها كاليهود.
وكانت العرب أيضا تعظمها كل التعظيم، وتعدها بيتا لله تعالى.
وكانوا يحجون إليها من كل جهة (1)..
وستأتي كلمات أبي طالب حول هذا الامر حين الكلام عن زواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بخديجة أم المؤمنين (عليها السلام) وقد حكى الله سبحانه هذا الامر حينما قال: (أولم يروا أنا جعلنا لهم حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم) (2).
فالكعبة إذن، كانت مقدسة عند جميع الأمم والطوائف، وبالأخص عند العرب، وظلت على ذلك مددا متطاولة في العصر الجاهلي، ويزيد ذلك قوة ورسوخا: أن العربي كان يعتبرها مصدر عزته، وموضع أمله، وكيف لا تكون كذلك، وهو يرى أن الأمم الأخرى تنظر إليه - لأجلها - بعين الحسد والشنآن. وتعمل على انتزاع هذا الشرف منه، أو على التقليل من خطره وأهميته، حتى لقد:
1 - أقام الغساسنة بيتا في الحيرة في مقابلها (3).
2 - وفي نجران أيضا: أقيمت كعبة أخرى لتضاهي كعبة مكة، يقول الأعشى: يخاطب ناقته: