يجعلها تنطلق من قواعد إنسانية، وعواطف صافية وحقيقية، وفضائل أخلاقية، وبالأخص من إحساس ديني صحيح، وليستفيد منها - من ثم - في بناء الأمة على أسس صحيحة وسليمة.
أماما كان منها لا يصلح لذلك، فقد كان يهتم بالقضاء عليه، واستئصاله بالحكمة، والموعظة الحسنة، كلما سنحت له الفرصة، وواتاه الظرف.
فمثلا، نلاحظ: أنه قد حاول أن يجعل المنطلق للكرم، وبذل المال، هو العاطفة الانسانية، والشعور بحاجة الآخرين، كما يظهر من كثير من النصوص، هذا بالإضافة إلى طلب الاجر والمغفرة من الله تعالى، وذلك هو صريح قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) (١) بل لقد تعدى ذلك وتخطاه إلى تمدح الايثار على النفس، حتى في موقع الخصاصة والحاجة الملحة، فقال تعالى: ﴿ويؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة﴾ (2).
أما العصبيات القبلية، فقد حاول أن يوجهها وجهة بناءة ويقضي على كل عناصر الشر والانحراف فيها، فدعا إلى بر الوالدين، وإلى صلة الرحم، وجعل ذلك من الواجبات، حينما يكون سببا في تلاحم وربط المجتمع بعضه ببعض.
ولكنه أدان كل تعصب لغير الحق، وندد به، وعاقب عليه، واعتبر ذلك من دعوات الجاهلية المنتنة، كما هو صريح بعض النصوص التي سنشير إليها في السيرة النبوية، إن شاء الله تعالى.