ولكننا نجد في كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) ما يدل على أن البيت قد كان من لدن آدم أبي البشر (عليه السلام). أما إبراهيم فهو رافع قواعده ومشيد بنيانه وأركانه.
قال (عليه السلام): (ألا ترون أن الله سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم، صلوات الله عليه، وإلى الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام، (الذي جعله للناس قياما). ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا، وأقل نتائق الدنيا مدرا، وأضيق بطون الأودية قطرا، بين جبال خشنة، ورمال دمثة، وعيون وشلة، وقرى منقطعة، لا يزكو بها خف ولا حافر، ولا ظلف. ثم أمر آدم وولده:
أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابة لمنتجع أسفارهم، وغاية لملقى رحالهم، تهوى إليه الأفئدة من مفاوز سحيقة إلخ.. (١)) ويدل على ذلك أيضا: روايات وردت من طرق الخاصة وغيرهم، فمن أرادها فليراجعها في مظانها (٢).
ولعل ظاهر القرآن لا يأبى عن هذا أيضا، حيث جاء التعبير فيه عن تجديد بناء إبراهيم للبيت بقوله: ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت﴾ (3) وهذا لا ينافي أن تكون الأسس والقواعد قد وضعت قبل ذلك، وإبراهيم هو الذي رفع هذه القواعد، وشيد على تلكم الأسس. وهذا موضوع يحتاج إلى بحث وتحقيق، نسأل الله يوفقنا لمعالجته في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى.