وقد لاحظ بعض المحققين: أن تعقيب هذه الأحرف بأن هذا الكتاب مبين وواضح، وأنه قرآن عربي لقوم يعملون، أو لعلكم تعقلون، لا يناسب كون تلك الألفاظ رموزا، أو من قبيل الألغاز والأحاجي، قال تعالى في سورة يوسف: ألم، تلك آيات الكتاب المبين. إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون.
ومهما يكن من أمر، فإن لدينا من الشواهد والدلائل ما يكفي لاعطاء فكرة عن المراد من هذه الحروف. ونستطيع بيان ذلك في ضمن النقاط التالية:
1 - إننا في نفس الوقت الذي نعتبر فيه أن ما سنذهب إليه ليس هو المقصود النهائي من هذه الأحرف، فإننا نؤكد على أننا لا نستعبد إرادة سائر المعاني، مما ذكر أو لم يذكر منها، إذ دل الدليل على إرادتها أيضا، فإن للقرآن ظهرا وبطنا، ولعل لاختلاف الأزمنة، وتقدم الفكر والعلم، تأثيرا في فهم الكثير من المعاني الأخرى، التي يمكن أن تكون هذه الأحرف مشيرة إليها، أو دالة عليها كبير، بنحو من أنحاء الإشارة والدلالة.
2 - إننا نلاحظ: أننا لم نجد في التاريخ ما يشير إلى أن أيا من الصحابة أو من غيرهم من المشركين أو من أعداء الاسلام قد تصدى للسؤال أو الاستفهام عن معاني هذه الأحرف، وعما ترمي إليه..
ولو سلمنا جدلا أن سكوت الصحابة يمكن أن يكون ناشئا عن إيمانهم العميق. وعن وصولهم إلى درجة التسليم والخضوع لكل ما يأتي به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نتيجة لما رأوه من الآيات الباهرة، والمعجزات القاهرة - رغم أن ذلك لا ينطبق على كثيرين غيرهم.. ورغم عدم منافاة ذلك للسؤال الاستفهامي عن أمر كهذا - فإننا لا نستطيع أن نفسر سكوت المشركين وغيرهم من أعداء الاسلام عن أمر كهذا. وهم في موقع التحدي والمجابهة، ويحاولوق التشبث ولو بالطحلب للطعن في