وأما سائر الأقوال، فإنما هي تصويرات لا تتعدى الاحتمال، ولا دليل يدل على شئ منها، وأما الروايات التي ربما يستظهر منها بعض التأييد لبعض تلك الأقوال، فقد ردها رحمه الله تعالى بضعف السند تارة ولضعف الدلالة أخرى، حيث لا يوجد فيها تقرير من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما فهمه الآخرون منها أو لان مفاد الرواية أن هذه الحروف من قبيل الرمز لمعان تكرر بيانها، ولا حاجة لاستعمال الرمز في التعبير عنها.
ثم استظهر رحمه الله: أن هذه الحروف هي رمز بين الله سبحانه وبين رسوله، خفي عنا، لا سبيل لافهامنا العادية إليها إلا بمقدار أن نستشعر ان بينها وبين المضامين المودعة في السور ارتباطا خاصا، حيث وجد رحمه الله تشابها في سياق وفي مضامين السور التي اشتركت حروف معينة في فواتحها، كالطواسين والحواميم، والميمات والراءات ونحو ذلك.
ونقول:
إننا لا نستطيع الموافقة على ما ذكره رحمه الله تعالى، فإن القرآن ليس كتاب الغاز، أو أحاجي، وإنما أنزله الله تعالى: ﴿هدى للناس﴾ (١)، ﴿ليدبروا آياته﴾ (٢)، (بلسان عربي مبين) (٣)، ﴿قرآنا عربيا لعلكم تعقلون﴾ (٤)، ﴿كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون﴾ (5).