ويمكن المناقشة في ذلك بأن إعطاءه (ص) فضائل الأنبياء ومعجزاتهم الواردة في الرواية لا يستلزم ما يراد اثباته هنا، فان بعض معجزاتهم لم يكن ثمة حاجة إليها في زمانه (صلى الله عليه وآله وسلم).
نعم هي واقعة تحت اختياره (صلى الله عليه وآله وسلم) ولو احتاجها لاستفاد منها جميعا. وأما الفضائل فقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الجامع لها على النحو الأكمل والاشمل في جميعها، حتى أنه إذا كان أيوب قد امتاز على غيره من الأنبياء بالصبر، فان صبر نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أكمل من صبر أيوب، وهكذا بالنسبة لسائر الأنبياء، وامتيازاتهم في الفضائل، ومكارم الأخلاق.
وأما الكرامات، فان الظاهر هو أن المقصود بها نفس المعجزات، فان الله تعالى قد أكرمه بها.
ومع الغض عن كل ذلك، فإنه لابد من ثبوت تلك الأخبار، ليمكن الحكم بمضمونها، بعد تسليم دلالتها بشكل قطعي ونهائي.
نعم ثمة روايات كثيرة تلمح وتصرح بنبوته قبل بعثته، أشار إليها المجلسي كما قلنا، وأشار العلامة الأميني أيضا إلى حديث: إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان نبيا وآدم بين الروح والجسد، ورواه عن العديد من المصادر من غير الشيعة (1).
ولكن لا يمكن الحكم بمضمون هذه الروايات إلا بعد التأكد من أسانيدها ودلالتها، وثبوت ذلك بشكل قطعي، حيث إنه يراد إثبات أمر إعتقادي بها، والمطلوب في الاعتقادات هو القطع، ولا يكفي ما دونه.
وبعد كل ما تقدم، فان ما نستطيع نحن الجزم به، هو انه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مؤمنا موحدا، يعبد الله، ويلتزم بما ثبت له أنه شرع