الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٢ - الصفحة ٩٨
القراريط بأنها: أجزاء الدراهم والدنانير يشترى بها الحوائج الحقيرة. (1) ولكننا نشك كثيرا في أن يكون (صلى الله عليه وآله وسلم) قد رعى لغير أهله بأجر كهذا، تزهد به حتى العجائز، ولا يصح مقابلته بذلك الوقت والجهد الذي يبذله في رعي الغنم، نعم، نشك في ذلك، لأننا نجد:
أولا: أن اليعقوبي - وهو المؤرخ الثبت - قد نص على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن أجيرا لاحد قط. (2) وثانيا: تناقض الروايات، فبعضها يقول: لأهلي، وبعضها يقول:
لأهل مكة، وبعضها يقول: بالقراريط، وأخرى قد أبدلت ذلك بكلمة بأجياد. وإذا كان الراوي واحدا لم يقبل منه مثل هذا الاختلاف.
نعم، قد ذكر البعض: أن العرب ما كانت تعرف القراريط، وإنما هي اسم لمكان في مكة (3) فلماذا كان يرعى الغنم في خصوص ذلك المكان؟ ولا يتجاوزه إلى غيره؟
ومع غض النظر عن ذلك نقول: إنه ربما يكون هذا الاختلاف بين الرواية التي تقول: بأجياد، والتي تقول بالقراريط، بسبب أن القراريط واجيادا اسم لمكان واحد، أو لمكانين متقاربين جدا.

(١) السيرة النبوية ج ١ ص ٥١ لزيني دحلان، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٥ وفتح الباري ج ٤ ص ٣٦٤.
(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢١ ط صادر.
(٣) فتح الباري ج ٤ ص ٣٦٤ عن إبراهيم الحربي، وصوبه ابن الجوزي تبعا لابن ناصر والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٦ ويؤيد أن العرب ما كانت تعرف القراريط، ما جاء في الصحيح، يفتحون أرضا يذكر فيها القيراط. فتح الباري ج ٤ ص ٣٦٤. وقولهم لا يعرف مكان في مكة بهذا الاسم محل نظر لأن عدم معروفيته الان لا يستلزم عدم معرفيته في ذلك الزمان.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 103 105 ... » »»
الفهرست