مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
بخلعه لأخيه المأمون من ولاية العهد، وعواطف الناس هي دائما مع المعتدى عليه.
ولقد أدهشني قول الدكتور منيمنة: ستزداد شكوك الخليفة المنتصر في العرب الذين أخذوا جانب الأمين، وسيتعاظم دور الجند الخراسانيين واعتماد الخليفة عليهم وستظهر نتائج ذلك واضحة في تولية قادتهم آل طاهر وإطلاق يدهم في خراسان وجوارها امراء شبه مستقلين.
إذن يعتبر آل طاهر فرسا، مع أنهم من صميم العرب، وكون طاهر بن الحسين قائدا للجيش الذي بعثه المأمون لاسترداد بغداد من أخيه الأمين وإنهاء خلافته هو الذي يؤيد قولنا أن القوة الضاربة في جيش المأمون كانت عربية.
فطاهر بن الحسين عربي من قبيلة خزاعة، وما دام قائد الجيش خزاعيا فمن الطبيعي أن تكون خزاعة ركنا من أركان القوة الضاربة في هذا الجيش.
وإلى ذلك يشير الشاعر دعبل الخزاعي حين هدد المأمون قائلا:
أني من القوم الذين سيوفهم * قتلت أخاك وشرفتك بمقعد وعلى هذا فالجند الخراسانيون الذين تعاظم دورهم واعتماد الخليفة عليهم هم عرب ومن خزاعة بالذات.
ثم يردف قوله هذا بهذا القول: وستظهر نتائج ذلك واضحة في تولية قادتهم آل طاهر وإطلاق يدهم في خراسان وجوارها امراء شبه مستقلين.
وقد عرف القارئ أن آل طاهر هم عرب خزاعيون فإذا صح أن المأمون أطلق يدهم في خراسان، فإنه يكون بذلك قد أطلق فيها يدا عربية أصيلة.
على أننا نحن ننكر أن تولية المأمون لآل طاهر كانت تولية استثنائية، وأنه أطلق يدهم امراء شبه مستقلين. ونقول أن الذي فعل ذلك هو غير المأمون وفي غير خراسان.
لقد فعل ذلك الرشيد حين ولى إبراهيم بن الأغلب على تونس على أن تكون الولاية وراثية في أعقابه، وعلى أن يكونوا أكثر من شبه مستقلين.
أما المأمون فلم يكن في نيته ابدا تولية طاهر بن الحسين على خراسان، بل أن ظرفا عاطفيا طارئا أدى إلى ذلك، وهذا ما ينفي ما ذكره الدكتور منيمنة في قوله: وسيتعاظم دور الجند الخراسانيين واعتماد الخليفة عليهم وستظهر نتائج ذلك واضحة في تولية قادتهم آل طاهر، إلى آخر ما قال:
أما سبب تولية طاهر بن الحسين فهو أنه دخل على المأمون وهو في مجلس انس وانشراح، فلما رآه المأمون بكى وتغرغرت عيناه. فاستغرب طاهر ذلك وسال المأمون لم يبك وقد دانت له البلاد وأذعن له العباد وصار إلى المحبة في كل أمره.
فقال المأمون: أبكي لأمر ذكره ذل وستره حزن ولن يخلو أحد من شجن.
وانشغل بال طاهر لبكاء المأمون في غير ساعة بكاء، فأغرى أحد خواص المأمون بمبلغ من المال ليسأله عن سبب بكائه، واستطاع الرجل أن يسأل المأمون. فقال المأمون: أني ذكرت أخي محمدا الأمين وما ناله من الذلة فخنقتني العبرة فاسترحت إلى الإفاضة، ولن يفوت طاهرا مني ما يكره.
لقد قلق طاهر كل القلق لما جرى، فإذا كان المأمون قد اكتفى هذه المرة بمجرد البكاء لرؤية طاهر مذل أخيه وقاتله، فما يدريه ما يمكن أن يصيبه من المأمون في مرة أخرى، ألا يمكن أن تبلغ ثورة العاطفة في المأمون في مرة من المرات إلى الحد الذي يأمر فيه بقتل طاهر الذي تذكره رؤيته في كل مرة بذل أخيه وقتله؟ أليس من المريح للمأمون أن لا يرى طاهرا ابدا فيتخلص من الأشجان الذي تبعثها في نفسه مشاهدة طاهر، وقتل طاهر هو الذي يريح.
فذهب طاهر إلى أحمد بن أبي خالد وقص عليه ما جرى، وقال له غيبني عن عيني المأمون.
فذهب أحمد إلى المأمون، فلما دخل عليه، قال: ما نمت البارحة...
فقال المأمون: ولم ويحك؟ فقال لأنك وليت غسان خراسان وهو ومن معه أكلة رأس وأخاف أن يخرج عليه خارجة من الترك فتصطلمه. فقال له: لقد فكرت فيما فكرت فيه، فمن ترى؟ قال: طاهر بن الحسين. وقد تردد المأمون وذلك وأبدى ما يخشاه من محاذيره في تولية طاهر.
وبعد حوار قصير دعا المأمون بطاهر من ساعته فعقد له على خراسان.
هذه هي قصة تولية طاهر بن الحسين التي وصفها الدكتور منيمنة بأنها تولية قادة الخراسانيين آل طاهر وإطلاق يدهم في خراسان إلى آخر ما قال.
ومن الطبيعي أن تتطور الأمور في زمن كان زمن التطورات المتعاقبة، وأن يأخذ التاريخ مسراه في التحول والتبدل.
البويهيون وقت يقرن الدكتور منيمنة حديثه عن عقيدة البويهيين مرة بكلمة احتمال ومرة بكلمة فالأرجح فيدل على التشكيك وعدم الجزم، يعود في النهاية فيجزم فيما لا يصح فيه الجزم. وعند ما قلنا أن ليس الملوك البويهيون هم الذين اخذوا بالمذهب الجعفري ليصح اتهامهم بأنهم كانوا على المذهب الزيدي، ثم انتقلوا إلى المذهب الجعفري تحقيقا لمآرب سياسية. بل أن الذين كانوا على هذا المذهب هم آباؤهم الأولون، وساروا هم على ما كان عليه آباؤهم.
عند ما قلنا ذلك حكم الدكتور منيمنة بان آباءهم لم يكونوا على الاسلام ليقال أنهم كانوا على مذهب من مذاهبه، ودليله على ذلك أن الاسلام لم يعم الديلم إلا على يد الأطروش 290 340 وأن الأرجح أن هذه الأسرة دخلت الاسلام على يد الأطروش.
ونقول: لماذا يكون هذا هو الأرجح، ولا يكون الأرجح أن آباء هذه الأسرة دخلوا الاسلام قبل السنة الثانية والعشرين للهجرة، وهو الزمن الذي ثبت أن الاسلام قد وصل فيه إلى تلك البلاد، وإذا كان تعميم الاسلام فيها قد تم على يد الأطروش، فلماذا لا يكون هؤلاء فيمن أسلم قبل عهد الأطروش؟، وحتى قبل السنة الثانية والعشرين؟
وأن كون مذهب دولة طبرستان زيديا لا يمنع أن يكون بين رعاياها من هو غير زيدي، بل نحن نعرف أسماء لعلماء غير زيديين نشأوا في ظلال تلك الدولة مثل: ابن هندو المكنى بأبي الفرج وأبي العباس بن سعد بن أحمد الطبري. وأبي هشام العلوي الطبري وغيرهم. هذا في العلماء وأما في جمهور الشعب فمن ذا يمكنه إحصاؤهم، ومنهم آباء الملوك البويهيين.
ويستدل بتقلباتهم السياسية على عدم استقرارهم المذهبي، ويعيب عليهم تلك التقلبات كأنهم وحدهم المتقلبون في السياسة، المنتقلون فيها من ولاء إلى
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370