مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣٥٢
بأنه ماض إلا إذا أحسسنا بالتقدم والتأخر في الحركة. وأرسطاطاليس الذي يقول أن الحركة انما تعرف بالمتحرك، وأن النقلة انما تعرف بالمنتقل، والذي يقبل انه لا يمكن تصور الزمان من غير الآن، كما لا يمكن تصور الآن من غير الزمان، يعطينا تعريفا خالدا، وجامعا مانعا، تعريفا قبلته منه الفلسفات المسيحية والاسلامية، وذلك حينما يذكر: أن الزمان هو مقدار الحركة بحسب المتقدم والمتأخر، انه متصل وينتسب إلى متصل...
وإذا كان زمان الموجودات الأبدية الخالدة لا يحويها، لا يقيس مقدار وجودها وليس له تأثير عليها فان زمان الكائنات الحسية يعتبر، عند الفيلسوف اليوناني وفي لحظة تشاؤم، سبب هدم لا بناء، لأنه مقدار الحركة، والحركة تضعف وتفني ما هو موجود. ولكن هل يمكن تصور الزمان من غير النفس؟
سؤال ممتع وجميل سبق أرسطاطاليس الكندي إليه، جاء ديكارت وإقامة نظرية دفعته إلى معرفة الله والعالم وجاء برجسون وإقامة فلسفة انبنى عليها فهم الحرية والشعور والحدس والوجدان. يرتأي أرسطاطاليس انه ليس من هناك شئ يمكن أن يعد خارج النفس والعقل، وإذا كان الزمان هو مقدار الحركة، بصفة عامة وكلية وليست حركة ما، بحسب المتقدم والمتأخر، وإذا كانت الحركة المعدودة لا تقوم إلا بالزمان، فان الزمان يوجد في داخل النفس.
والكندي الذي قد تأثر كغيره من فلاسفة المسلمين بأستاذه أرسطاطاليس، لا يستطيع أن يتصور، في نظرية الله والعالم، جرما بلا زمان. يرى أن الزمان والجرم متناهيان، أن الحركة هي حركة الجرم، فان كان جرم كانت حركة، وان لم يكن جرم لم تكن حركة. وإذا كانت الحركة هي تبدل الأحوال، وان كل تبدل هو عاد كما يقول في نصه، مدة المتبدل، فان التبدل سيسري كذلك على الزمان، هذا الزمان الذي لا يمكن أن يتصور بالفعل لا نهاية له.
وليبرهن الكندي على أنه لا يمكن أن يكون زمان لا نهاية له بالفعل في ماضيه ولا آنيه يقول: اننا إذا قسمنا الزمان إلى أجزاء فيجب أن نقف عند فصل متناه لا يكون قبله فصل، أنا إذا افترضنا خلف كل فصل من الزمان فصلا ولم نقدر أن نقف، ولو في حالة التوهم، عند حد ما، فسنكون إذن امام لا متناه، وسينتج في ذهننا زمان معلوم محدود، وزمان غير معلوم: أي سنقف أمام لا متناه متناه، وهذا خلف لا يمكن. ان ما لا نهاية له لا تقطع مسافته ولا يؤتى على آخرها، فإنه لا يقطع ما لا نهاية له من الزمان، حتى ينتهي إلى زمن محدود، والانتهاء إلى زمن محدود، موجود به، فليس الزمان فصلا من لا نهاية، بل من نهاية اضطرارا... ولكل زمان محدود نهايتان:
نهاية أولى ونهاية آخرة، فان اتصل زمانان محدودان بنهاية واحدة مشتركة لهما، فان نهاية كل واحد منهما الباقية محدودة معلومة، وإذا فرض أن جملة الزمانين وهي محدودة تصير، عن طريق هذا الاتصال لا محدودة النهايات، فسنكون إذن أمام زمان محدود ولا محدود، وهذا ما لا تقبله نظرية حدوث العالم عند الكندي بحال لأنه كما زيد على الزمان المحدود زمان محدود، فكله محدود النهاية من آخره، ولا يمكن أن يكون الزمان الآتي وعلى هذا الأساس لا نهاية له بالفعل.
تجمع مصنفات الكندي، حينما يحاول أن يفهم تصور الله والعالم على أن الزمان من الكمية المتصلة، وهي تتفق في هذا مع تعريف أرسطاطاليس.
تنفرد الفلسفة الأولى وتضيف على هذا التعريف بان العدد والقول لا يمكن أن يقال عليه وفي ذاته طويل أو قصير، بل ينصب عليه هذا من جهة الزمان الذي هو فيه. يقال عدد طويل، أي في زمان طويل، وقول طويل أي في زمان طويل، ولا يمكن أن يحتمل أي واحد من القول والعدد اسم الطول واسم القصر بذاته أي انه ليس هنالك للأشياء وجود مطلق في ذاتها بل في الزمان. صحيح، وكما تتفق على هذا المصادر الكندية، ان افتراض زمان لا نهاية لأوله قد يؤدي إلى تناقض لأننا إذا قلنا أن الزمان مكون من انات مفعولة، وهو من الكم المتصل عنده، فسنصل إلى حد متناه نقف عنده، وافتراضنا نظرة اللاتناهي ستناقض التناهي، وسيكون الزمان متناهيا ولا متناهيا في نفس الوقت، وهذا غير معقول ولا مقبول. ونظرة ثانية بان اللامتناهي لا تقطع مسافته ولا يؤتى على آخرها، وبأنه ليس متصلا من لا نهاية اضطرارا.
والله، الذي خلق العالم والزمان، يتصف عند الكندي بالوحدانية، لا تعجز قدرته عن شئ، أنه يستطيع اخراج المعاني إلى الكون، خلق العالم في أتقن وأكمل وأفضل وجه، خلق المعاني البسيطة مثل العنصر والصورة، وابداع الأشياء المركبة. وقد صير الله الجوهر النفساني أما ناطقا وأما لا ناطقا، الناطق مثل الأشخاص العالية والإنسان، والذي لا ناطق هو الحرث والنسل، وأنه هو الذي جعل للحركة كينونتها وبقاءها. ويتساءل الكندي، مع كل ذهن يعرض له هذا، وكما فعل أرسطاطاليس بوضوح في الطبيعيات، عن خالق هذا العالم ومحركه، هو واحد أم كثير، هل هو بسيط أم مركب؟
أن الأشياء المركبة لا بد أن تقبل القسمة والتجزئة، والمتكثرة لا بد أن تقبل انفصال بعض أجزائها عن بعض. والله، الواحد، الفاعل، الأول، لا يقبل من حيث أنه يتسم بالبساطة، الكثرة والتركيب، وكما يقول الكندي في نص له: أن الكثرة في كل الخلق موجودة، وليست فيه بتة، ولأنه مبدع وهم مبدعون، ولأنه دائم وهم غير دائمين، لأن ما تبدل تبدلت أحواله، وما تبدل فهو غير دائم.
يحاول أن يبرهن أرسطاطاليس في الطبيعيات، كما يفعل في ما وراء الطبيعة، على وجود محرك أول قديم دائم غير متكثر، وغير قابل للحركة.
وإذا كان انكسا جوارس قد قال، كما يذكر عنه أرسطاطاليس، بان العقل منزه عن الاختلاط بشئ، أنه مبدأ للحركة، فان هذا الأخير قد قال بان المحرك الأول، الذي لا يقبل التحريك بواسطة شئ سابق عليه يحرك ذاته.
أن هذا المحرك هو دائما، كالله عند الكندي، بالفعل أنه لا يمكن أن يكون فيه جانبان: أحدهما يحرك والثاني يقبل أن يتحرك، لأنه إذا صح هذا فسيكون التحرك بينهما بالتناوب، وسوف لا يكون هنالك محرك أول قديم أنه لا بد من أن تقف سلسلة الأشياء المتحركة بالغير عند حد، وإن هذا الأخير لا بد أن يحرك ذاته بذاته، ولا بد من أن يتسم بصفة القدم والأبدية والخلود.
يتمشى الكندي، ويرى في نظريته عن الله والعالم، أن الله الواحد الأبدي القديم هو علة كل كائن في هذا الوجود. يتلخص دليله، في استحالة أن يكون الشئ علة لكون ذاته، في حصر الاحتمالات الممكنة الآتية التي يحاول أن يبطلهما جميعا. أنه ليس ممكنا أن يكون الشئ علة كون ذاته، وأن
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370