قد قارن الهليون بالممازجه * تقارن الكرات بالصوالجه ثم أتت سكارج الكوامخ * كمثل أنوار من اللخالخ ما بين طرخون وبين صعتر * وفيجن غض وبين كزبر وبين بن عدة المشطور * كأنه تعلية البخور ثم أتى براضع لم يعتلف * كان في جنبيه قطنا قد ندف وحمل مبزر مشبر * كأنه مضمخ بعنبر يتلوه جدي فارس بخل * كأنه بالزعفران مطلي تخاله في خلة المزعفر * مركبا تحت عقيق أحمر قد عملت أطرافه سلاقه * عجيبة الصنعة والمذاقه زيدت من الخردل والصباغ * وكشفت القحف عن الدماغ وصف فيه فلق الرمان مثل رصيع خرز المرجان ثم أتى بناطق هياج * بحر طبع البارد المزاج كأنه في العين والقياس * سبائك جاءت من الروباس وجونة موصوفة من الجون * قد جمع الطباخ فيها كل فن من كل سخن منضج وبارد * ما بين ألوان إلى بوارد فمن رقاق ناعم رفاق * يحمد في المنظر والمذاق وأرغف تشف للصفاء * كما تشف أوجه المرائي ومن مصوص من مخاليف الحجل * كأنما كانت ترف في الحبل ومن فراريج بماء الحصرم * تصلح للمخمور أو للمحتمي قد شوشت أكبادها ببيض * فهي كمثل نرجس في روض وجاءنا فيها ببيض أحمر * كأنه العقيق ما لم يقشر حتى إذا قدمه مقشرا * أبرز من تحت عقيق دررا حتى إذا ما قطع البيض فلق * رأيت منه ذهبا تحت ورق يخال أن الشطر منه من لمح * أعاره تلوينه قوس قزح ما بين أوساط لطاف القد * مقدودة كمثل قد الند من صدر دراج وصدر حجله * بملحها وبقلها متبله فيها جبن صادق الحرافه * مقطع باللطف والنظافه قد ألبست قضبان طلع غضه * كأنها سلاسل من فضه ثم أتانا بعده لوزينج * كأنه من الأتحمي مدرج تنسله من دهنه العميق * كما أخذت بيد الغريق وجاءنا الغلمة بالمدام * ونحن لم ننهض من الطعام بغير ترتيب ولا صواني * وغير أنقال ولا ريحان لأن في الجونة أنواع الإرب * وعوضا من كل شئ يطلب هذا هو النوع الذي أختاره * ليس الذي عذبنا انتظاره نتائج وهكذا فان كشاجم اسم مرتجل، مبتكر مخترع للعلمية، شاء صاحبه أن يركبه، أو يؤلفه، أو يجمع أحرفا من أوائل كلمات خمس، تشير إلى صناعاته أو مهاراته أو صفاته، فكان له كشاجم اسما علما، عرف به واشتهر. وتبين لنا كذلك أن كشاجم علم بوزن مفاعل مفتوح الكاف، ومكسور الجيم، شبيه بصيغة منتهى الجموع، ممنوع من الصرف. وتبين لنا أن حركة الكاف الفتحة، بالرغم من الأكثرية التي شاءت أن تضم الكاف في مؤلفاتها منذ القرن التاسع الهجري حتى أواخر السبعينات من القرن العشرين، ولا سيما المستغربون الذين ذكروا كشاجم في تحقيقاتهم، أو ترجماتهم، أو أبحاثهم.
وتبين لنا أن كشاجم كان كاتبا، وله مذهب في الكتابة يحتذى، وقد ألف كتاب كنز الكتاب، وجعله القلقشندي أحد الكتب الثلاثة التي لا يستغني عنها الكاتب. وكان شاعرا، وله ديوان شعر مشهور ومعروف، كان مصدرا لارتزاق النساخ، كما كان عامرا باللطائف التي تميز بها على زملائه، وكان أديبا، وله كتاب الرسائل، وكتاب أدب النديم، وكتاب الطرديات في القصائد والأشعار، وكان منجما، وله كتاب المصايد والمطارد، فيه ما يدل على ثقافته الفلكية، كذلك في شعره حيث وصف النجوم، وآلاتها. وكان مغنيا بالأوتار (1)، على حد تعبيره، وله كتاب خصائص الطرب، وقد أجاد الضرب على العود، وفي شعره قصائد كثيرة تشير إلى ذلك، وإلى وصف آلات الطرب.
وكان يجيد بعض أصناف الطبخ، ويصفها شعرا، كما كان يجيده بعض الخلفاء، والأمراء، والأدباء في ذلك العصر.
فبالرغم من كثرة طباخيه، على حد قوله، كان يباكر الطبخ حين يشاء (2)، وكان طبيبا، يهتم بالطب البشري، والحيواني، كما اتضح لنا من كتابيه المصايد والمطارد، والبزيرة.
وتبين لنا أن المصادر الشيعية أشارت إلى أن حرف الجيم مستل من جامع أو جدلي، وأن حرف الميم مستل من منجم أو متكلم.
وقد اعتمدت هذه المصادر على روايتي ابن شهرآشوب في معالمه، وابن طاووس في كتابه علماء النجوم. أما السيد محسن الأمين، فقد انفرد بلفظة معارف، فجعل الميم مستلا منها.
وإذا كان لنا أن ندلي برأينا نقول أن الحروف في كشاجم، مستلة من كاتب، وشاعر، وأديب، ومنجم وملحن مغن بالأوتار، أو لعل الحرفين الجيم والميم مستلان من جواد، وكان لكشاجم مذهب معروف في الجود، يضرب به المثل، ومن منجم أو ملحن.
اختلاط كنى الوالد وابنيه على المؤرخين والباحثين لعل أول من اختلط عليه كنى الثلاثة، الوالد وابنيه، هو السيوطي في محاضرته، بقوله: أن محمود بن محمد بن الحسين بن السندي بن شاهك، يكنى أبا نصر. فنقل عنه يوسف اليان سركيس في معجمه، مضيفا إليه كنيته أبا الفتح وحين نسب محمد كامل حسين هجاء القاضي عبد الله بن محمد بن الخصيب إلى كشاجم، اعتبر أبا نصر أحد كنى كشاجم! أما محمد أسعد طلس فخلط بين الأخوين وجعلهما واحدا، معتبرا أن كشاجم لم يخلف سوى ولد واحد، بارع في الأدب كأبيه، وهو أبو نصر أبو الفرج، ثم أضاف كنية