مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣١٩
ثالثة لهذا الولد، وهي أبو الفتح، مستشهدا بالثعالبي. فكيف أصبح ابن كشاجم أبا النصر وأبا الفرج وأبا الفتح؟! فان اعتمد الثعالبي، كما ادعى، فقد أخطأ الرواية في قراءة النصوص، أما الشيخ عبد الحسين الأميني فذكر ولدي كشاجم أبا الفرج وأبا نصر أحمد، وعقب على ذلك بقوله أن كشاجم كان يكنى نفسه بالثاني. وفي معجم المؤلفين، قال عمر رضا كحالة أن لكشاجم كنيتين:
أبا الفتح وأبا النصر!
أحواله ولد ببغداد ونشأ، وتلقى علومه الأولى الأدبية، واللغوية، والعلمية، على كبار أساتذة الفقه والأدب والرواية والطب والتنجيم، منهم الفقيهان المروزيان موسى بن إبراهيم، وإبراهيم بن أحمد، وعلي بن سليمان الأخفش النحوي، والمنجم يحيى بن علي، والشطرنجي الأخباري أبو بكر الصولي، والطبيبان إسحاق بن حنين وثابت بن سنان وغيرهم. كما تأكد لنا أن خروجه الأول من بغداد إلى بلاد الشام كان في حدود سنة 300 ه، كما أنه كان يتردد إلى العراق عائدا إلى مسكنه وأملاكه ببغداد، ثم ينطلق منها ليزور مدن العراق، وقراها، وأمكنتها النزهة، ويرتاد أديرتها، منها الأكيراح، والأهواز، والبصرة، والكوفة، والموصل وغيرها، كذلك تبين لنا أن كشاجم قد شهد ما حل من نكبات بالقهرمانتين فاطمة وأم موسى الهاشمية 299 ه، 310 ه، كما شهد محنة أستاذه الأخفش 315 ه، ومقتل أميره أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان 317 ه، ومحنة ابن مقلة، وقد امتدت من 318 ه، 328 ه.
وقد مدح شاعرنا بعض الوزراء، والرؤساء، والأشراف، والأمراء، والسلاطين، كابن مقلة، وأحمد بن إسماعيل الإسكافي، وإبراهيم بن عيسى الهاشمي، وأبي القاسم التنوخي، ومعز الدولة البويهي وغيرهم.
وجملة القول أن كشاجم قد سكن حلب مدة من الزمن، قد تكون في حدود سنة 300 ه حتى سنة 313 ه، وتعرف فيها إلى الشاعر الصنوبري، فتأثر شعره الشامي، وحذا حذو مدرسته في الروضيات. ثم عاد إليها مرات قبل مجيء سيف الدولة إليها سنة 333 ه، وفي أيامه، وكان لكشاجم في حلب دار وأملاك، وقد تغنى شعرا بحلب، وبنهرها قويق، وببساتينها النضرة، وأزهارها الرائعة، وأشجارها الباسقة. وكان يزور ضواحيها المعروفة بمتنزهاتها، فيزور بانقوس، وبطياس، ودير البريج. ثم يغرب منها إلى أنطاكية، فينعم بنهرها الأرند، وإلى اللاذقية حيث أصدقاؤه الأمراء التنوخيون، ثم ينحدر من حلب إلى دمشق، فيزور حمص، وينعم بنهرها الميماس، وديرها على شط النهر. ثم يزور قارة، مصطاف الهاشميين، ودمشق حيث التقى صديقه الهاشمي علي بن حمزة، وينعم بغوطة دمشق، وبديرها مران في سفح جبل قاسيون.
وتبين لنا أن كشاجم كان يقوم بتلك الرحلات النزهة، والزيارات للقرى والبلدان مع جماعة من الأصدقاء، والندماء، على رأسهم الصنوبري الشاعر، الأنطاكي الحلبي، الذي نمت بينهما صداقة وود عميقان، نعم كشاجم بهما مدة طويلة من الزمن، فكان إذا أحس بالفتور يدب في قلب الصديق، أسرع، فكتب له معاتبا، متسائلا، معتذرا، باذلا نفسه عمن ود وأحب. وتبين لنا أن الصديقين كانا يصفان الأمكنة نفسها، ويمدحان الشخصيات نفسها، كالهاشميين علي بن حمزة، وعبد الملك بن محمد، ومحمد بن أحمد الرشيدي.
على أن كشاجم التقى في حلب بعض الذين أخذ عنهم الشعر، واللغة، والفقه، كالصنوبري، وأبي بكر الدقيشي، وإبراهيم بن جابر. والتقى بعض الرواة الذين أخذوا عنه كالمسعودي، وأبي بكر الزبيدي، والمظفر بن نصر بن سيار الوراق، والسري الرفاء.
والتقى كشاجم بعض الأمراء القادة فمدحهم كالحسن بن الحسن بن رجاء، وعلي بن أحمد بن بسطام. والتقى من الأمراء التنوخيين عبيد الله بن إبراهيم، والحسين بن علي، فمدحهما، كذلك التقى بعض الأشراف الهاشميين ومدحهم كعبد الملك بن محمد، وعلي بن حمزة، ومحمد بن أحمد الرشيدي.
ولعله التقى كذلك سيف الدولة في الموصل وبغداد، قبل أن يلتقيه في حلب، حيث انضم إلى رجال الفكر، والأدب، والشعر، مجتمعين في بلاط سيف الدولة الحمداني، مؤلفين عصبة امتازت بشعرها الشامي الذي عده الثعالبي أكثر تفوقا من أي شعر آخر. وأصبح كشاجم أحد كبار شعراء المدرسة الشامية الوافدة إلى بلاد الشام، يحتذيه الشعراء، ويضربون على قالبه.
ونرجح أن كشاجم بقي في بلاط سيف الدولة مدة قصيرة، حيث نادمه، وكتب له، وألف، ثم انسحب من البلاط الذي كان يعج بكبار الشعراء، والمفكرين، والمداحين، فانسحب متنقلا كعادته، مشرقا إلى العراق، ومغربا إلى مصر، حيث أكب على لذاذات الحياة، وهو يقول:
وما اللذاذات إلا * لمن صبا وتمرد!
ويقول أيضا:
ولا تك آلفا إلا أديبا * وبستانا وماخورا ودير كان يتنقل بين الشام ومصر، كما كان يتنقل أيضا بين الشام والعراق. وقد سكن بغداد حيث ولد، وامتلك فيها دارا على شط دجلة، لعله ورثها عن آبائه، كما سكن حلب، ويخيل لنا أنه استقر في أواخر عمره بمصر حيث امتلك دارا بالفسطاط. ومن الفسطاط كان يتنقل بين ربوع مصر، فيزور مدنها، وقراها، وأمكنتها، ومحلاتها، ومتنزهاتها العامرة بالبساتين والزهور، وكان ينعم بالنيل، فينتقل بواسطته من قرية إلى أخرى، فتارة يركب الخيول المضمرات، وأخرى يركب البحر، حيث يجمع بين صيد البر وصيد البحر.
وكان كثير الغشيان لدور اللهو، والغناء، والقصف، وقد عبر عن مغامراته الكثيرة في مصر، في شبابه، وفي كهولته. فكان له لقاءات مع الندماء والرفاق في تلك الأمكنة، منها بولاق والقاش والجيزة وحلوان ودمنهور وشبرا شبرى، ودير القصير وغيرها. وقد التقى كشاجم شخصيات، اكتفى بتكنيتها، فحاولنا مجتهدين أن نسمي بعضها، كأبي الحسين، لعله علي بن حمزة الهاشمي، وأبي أحمد، لعله القاضي عبد الله بن الخصيب، وأبي الفضل، لعله وزير الإخشيدية جعفر بن الفضل المعروف بابن حنزابه. وقد رجحنا أن يكون علي بن طارق، وأحمد بن طارق، من المغاربة الذين سكنوا الفسطاط. أما مرحب فتبين لنا أنه ابن مرحب الطبيب المعروف في ذلك الزمان. أما كافور الإخشيدي، فلم يسمه مباشرة، إنما أشار إليه تلميحا، وذكر سيادته على مصر والشام، في معرض هجاء. ومهما يكن من أمر، فقد ابتهج كشاجم في مصر، وفرح بدور اللهو، فكان يقضي نهاره في صيد البر وصيد البحر، ثم يغشى في أماسيه دور اللهو
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370