مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٣٢٩
أصحابه واختلط القوم بعضهم من بعض فقصده معقل من بين أصحابه، فضربه ضربة على أم رأسه فجدله قتيلا. وحمل أهل الكوفة على أهل الأهواز من بني ناجية، فقتل منهم من قتل وهرب من هرب وأسر من أسر من بني ناجية، وأمر معقل بن قيس بهؤلاء الأسارى فجمعوا ثم أمر برأس الخريت ابن راشد فاخذ واحتوى على أمواله، وسار إلى علي بالأسارى والأموال.
وكان مصقلة بن هبيرة الشيباني أيضا عاملا لعلي بن أبي طالب ع على بلد من بلاد الأهواز، فنظر إلى هؤلاء الأسارى الذين قد أتى بهم معقل بن قيس، كأنه اتقى عليهم أن يقتلوا، فقال لمعقل:
ويحك يا معقل! هل لك أن تبيعني هؤلاء الأسارى ولا تمضي بهم إلى أمير المؤمنين؟ فاني خائف أن يعجل عليهم بالقتل. قال معقل: قد فعلت فاشترهم مني إذا حتى أبيعك. قال له مصقلة: قد اشتريتهم منك بخمسمائة ألف درهم، قال: قد بعتك فهات المال! فقال مصقلة: غدا أعطيك المال، فسلم إليه معقل بن قيس الأسارى، فأعتقهم مصقلة بأجمعهم، فمضوا حتى لحقوا ببلادهم.
فلما كان الليل هرب مصقلة إلى البصرة إلى عبد الله بن العباس، وكتب معقل بن قيس إلى عبد الله بن عباس يخبره بخبر مصقلة وما فعل. فدعا ابن عباس مصقلة فقال: هات المال! فقال: نعم وكرامة، إن معقل بن قيس أراد أن يأخذ المال مني وأنا فلم أحب أن أعطيه ذلك، ولكن أدفع هذا المال إليك لأنك ابن عم أمير المؤمنين وعامله على البلاد، قال ابن عباس: فقد أحسنت إذا وأصبت فهات المال.
وانصرف مصقلة إلى منزله، فلما كان الليل هرب إلى الكوفة إلى علي بن أبي طالب، قال: وكتب معقل بن قيس إلى علي يخبره بذلك، وكتب أيضا عبد الله بن عباس إلى علي بذلك. قال: فدعا به علي وقال: هات المال يا مصقلة! فقال: نعم يا أمير المؤمنين! إن معقل بن قيس وعبد الله بن عباس أرادا مني أن أدفع المال إليهما وأنت أولى بحقك منهما، قال علي: قد أحسنت إذا وأصبت فهات المال! فقال: وجه من يحمل المال، فدفع إليه في ذلك اليوم مائة ألف درهم وبقيت عليه أربعمائة ألف درهم.
فلما كان الليل هرب إلى معاوية، وطلبه علي فلم يقدر عليه، وكان نعيم بن هبيرة أخو مصقلة عند علي بن أبي طالب ومن خيار أصحابه، فكتب إلى أخيه مصقلة بهذين البيتين يقول:
تركت نساء الحي بكر بن وائل * وأعتقت سبيا من لؤي بن غالب وفارقت خير الناس بعد محمد * لمال قليل لا محالة ذاهب ولم يبق بالعراق أحد من ربيعة إلا وذكر مصقلة بن هبيرة بكل قبيح إذ فارق عليا وصار إلى معاوية.
فلما فرع نعيم من شعره أقبل إلى جماعة من بني عمه من بني بكر بن وائل فقال: إنه قد وردت علي أبيات من عند أخي مصقلة، وقد علمت أنه يحب الرجوع إلى العراق، وأنا والله مستح من أمير المؤمنين أن أكلمه فيه، ولكن أحب أن تكتبوا إليه كتابا عن جميعكم، وليكن ذلك عن رأي أمير المؤمنين.
فاجتمع نفر من ربيعة إلى علي فقالوا: يا أمير المؤمنين! إن نعيم بن هبيرة مستح منك لما فعل مصقلة أخوه، وقد أتانا الخبر اليقين بان مصقلة ليس يمنعه من الرجوع إلى العراق إلا الحياء، ولم يبسط منذ خرج من العراق علينا لسانا ولا يدا، ولا نحب أن يكون رجلا منا مثل مصقلة عند معاوية، فان أذنت لنا كتبنا إليه كتابا من جماعتنا وبعثنا إليه رسولا فلعله أن يرجع! فقال علي:
اكتبوا ما بدا لكم وما أراكم تنتفعون بالكتاب. فقال الحضين بن منذر السدوسي: يا معشر بني بكر بن وائل! إن أمير المؤمنين قد أذن لكم في الكتاب فقلدوني كتابكم، فقالوا: قد فعلنا ذلك فاكتب ما بدا لك.
فكتب إليه الحضين بن المنذر: أما بعد، يا مصقلة! فان كتابنا هذا إليك من جماعة بني بكر بن وائل، وقد علمنا بأنك لم تلحق بمعاوية رضى منك بدينه ولا رغبة في دنياه، ولم يقطعك عن علي طعن فيه ولا رغبة عنه، ولكنك توسطت أمرا قويت فيه بديا ثم ضعفت عنه أخيرا، وكان أول أمرك أنك قلت أفوز بالمال وألحق بمعاوية، ولعمري ما استبدلت الشام بالعراق، ولا السكاسك بربيعة، ولا معاوية بعلي، ولا أصبت دنيا بهما، وإن أبعد ما يكون من الله أقرب ما يكون من معاوية، فارجع إلى مصرك فقد غفر لك الذنب وحمل عنك الثقل، واعلم بان رجعتك اليوم خير منها غدا، وكانت أمس خير منها اليوم، وإن كان قد غلب عليك الحياء من أمير المؤمنين فما أنت فيه أعظم من الحياء، فقبح الله امرءا ليس فيه دنيا ولا آخرة والسلام.
قال: ثم أثبت في أسفل الكتاب هذه الأبيات:
أمصقل لا تعدم من الله مرشدا * ولا زلت في خفض من العيش أرغدا وإن كنت قد فارقت قومك خزية * يمد بها الشانئ إلى رهطك اليدا وكنت إذا ما ناب أمر كفيته * ربيعة طرا غائبين وشهدا تدافع عنها كل يوم كريهة * صدور العوالي والصفيح المهندا يناديك للعلياء بكر بن وائل * فتثني لها في كل جارحة يدا فكنت أقل الناس في الناس لائما * وأكثرهم في الناس خيرا معددا تخف إلى صعلوكنا فتجيبه * فكنت بهذا في ربيعة سيدا ففارقت من قد يحسر الطرف دونه * جهارا وعاديت النبي محمدا فان تكن الأيام لاقتك غيرة * قم الآن فارجع لا تقولن غدا غدا ولا ترض بالأمر الذي هو صائر * فقد جعل الله القيامة موعدا فلما ورد هذا الكتاب على مصقلة بن هبيرة وقرأه ونظر في الشعر، أقبل على الرسول فقال: هذا كلام الحضين بن المنذر، وشعره لم يشبه كلام أحد من الناس، فقال له الرسول: صدقت هذا كلام الحضين، فاتق الله يا مصقلة! وانظر فيما خرجت منه وفيما صرت إليه، وانظر من تركت ومن أخذت، ثم اقض بعد ذلك على هواك، أين الشام من العراق! وأين معاوية من علي! وأين المهاجرون والأنصار من أبناء الطلقاء والأحزاب! وأنت بالعراق تتبع وأنت بالشام تتبع.
فسكت مصقلة عن الرسول فلم يجبه بشئ، ثم أخذ الكتاب فاتى به معاوية وأسمعه الشعر، فقال له معاوية: يا مصقلة! أنت عندي غير ظنين، فإذا أتاك شئ من هذا فاخفه عن أهل الشام، فقال: أفعل ذلك إن شاء الله.
ثم رجع مصقلة وأقبل على الرسول فقال له: يا أخا بني بكر! إني إنما هربت بنفسي من علي خوفا منه، ولا والله ما ينطلق لساني بعيبه ولا ذمه ولا قلت قط فيه حرفا أعلم أنه يسوءه ذلك، وقد أتيتني بهذا الكتاب فخذ الجواب
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370