مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٣٣
يعجبه ذلك، فقال عن سارتون أنه أخطأ بظنه أن البيروني كان شيعيا معاديا للعرب والعروبة فقد كان بعكس ذلك!! ونحن لا ندري من أي شئ نعجب، أمن تصور الحمارنة بأنه مجرد أن ينفي حقيقة واقعية، فهي ستنتفي، أم من فهمه للتشيع هذا الفهم الحمارني وقوله عنه بأنه معاداة للعربية والعروبة!!
إننا نقول للحمارنة إن التشيع هو العربي الأصيل الذي نشأ في ظلال العرب وفي رعايتهم واستماتوا في حمايته والدفاع عنه، ولكن عرب التشيع الأصلاء في عروبتهم لا يفهمون العروبة نازية عنصرية اعتدائية تحتقر غيرها من الشعوب وتستعبدها ولا تحترم إسلامها ولا تراعي إيمانها، بل يفهمون العروبة حبا وتسامحا وتقديرا لغيرها من الشعوب التي تستحق التقدير.
وإذا كانت الأمثال العربية قد قالت بان لكل مسمى نصيبا من اسمه فلا شك بان رأي الحمارنة في التشيع هو من نصيبه في لقبه...
من أكثر العلماء المسلمين أصالة وإنتاجا في زمنه بلغة القرآن في العلوم والمعارف كان أبو الريحان البيروني 362 443 ه 973 1051 م (1) وهو معاصر الشيخ الرئيس ابن سينا بإيران والحسن بن الهيثم في العراق ومصر. ومن بين كتب البيروني في التاريخ الطبيعي اثنان في غاية الأهمية:
أولهما الصيدنة في الطب (2) والثاني كتاب الجماهر في معرفة الجواهر ألفهما في السنين الأخيرة في حياته فاحتويا على الكثير من غنى خبرته في العلوم الحياتية والبحتة والتقنية والاجتماعية (3). وفي هذه المقالة يهمنا كتابه هذا في الجواهر وبالذات مقدمته للكتاب الذي يعتبر من أهم تصانيفه وأكثرها أصالة (4) ويتبين من هذه المقدمة أن البيروني قد نسق مقالاته وأتمها زمن السلطان مودود بن مسعود بن محمود الغزنوي 432 441 ه 1040 1048 م وربما في مطلع ملكه حوالي سنة 1044 م وعمر المؤلف آنذاك سبعون عاما ونيف، ويقول فيها: نريد الآن نخوض في تعديد الجواهر والأعلاق النفيسة المذخورة في الخزائن ونفرد لها مقالة تتلوها ثانية في أثمان المثمنات وما يجانسها من الفلزات فكلاهما رضيعا لبان في بطن الأم وفرسا رهان في الزينة والنفع (5) ويكون مجموعها تذكرة لي في خزانة الملك الأجل المعظم شهاب الدولة أبو الفتح مودود بن مسعود بن محمود قرن الله بشبابه اغتباطا وزاد يده بالنصر تطاولا وانبساطا فإنه لما فوض لله تعالى أمره تولى إعزازه ونصره وحين نصب حب الله بين عينيه عفا عن من استغاث باسمه وأمن من استأمن بذكره وأخفى صدقاته بعد صلاته البادية ليفوز بما هو خير له في السر والعلانية. ثم إن النصوص والمقدمة نفسها تفيدنا بان تأليف الكتاب قد تم أيضا في مدينة غزنة حاضرة السلطنة في جمهورية أفغانستان اليوم (6).
يستهل المؤلف كتابه الجماهر في معرفة الجواهر في مقدمة مستفيضة تحتوي على فصلين قصيرين وافتتاحية ثم خمس عشرة ترويحة كأنها مراحل توقف للتفكير والتأمل الروحي والاستجمام الفكري والايحاء (7) وفي هذه المقدمة يستودع البيروني خلاصة تفكيره في أمور فلسفية وعلمية واقتصادية ودينية واجتماعية في غاية الأهمية والأصالة والروعة. وما هذه المقالة إلا محاولة متواضعة وجدية لتقييم ما أراده البيروني أو ما كان يجول بخاطره لنقله إلى القارئ من أفكار وآراء وتوجيهات من خلال مقدمة الكتاب والتي تثير في النفس تساؤلات عديدة نبينها ونشرحها باختصار بالطريقة التالية:
1 هل كانت المناقشات والأفكار والمبادئ التي خطتها يد الشيخ العالم أبي الريحان البيروني وهو يدب بخطى وئيدة إلى نهاية مسيرة هذه الحياة الدنيا أفكارا عابرة متفرقة وخواطر ثائرة أو شاردة لا تربط بينها أوصال ولا تنتظم منها رؤية واضحة أو توجيه جاد معين؟.

(١) هو أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي (ت ٤٤٣ / ١٠٥١) من أعظم علماء المسلمين وأكثرهم أصالة، كتب في علوم الفلك والتنجيم والرياضيات والعلوم الطبيعية والجغرافيا والتاريخ والأنساب والفلسفة الاجتماعية وقد ولد في ٣ ذي الحجة ٣٦٢ ه‍ / ٤ - ١٠ - ٩٧٣ م في (Khiva Kath) مدينة خوارزم أو ضواحيها على الأرجح (كان في دلتا آمو دريا السوفياتية اليوم على الشاطئ الجنوبي لبحر خزر أو قزوين = آرال)، ثم تتلمذ على أبي نصر الحيلاني وكانت له علاقة صداقة ومراسلات مع معاصريه ابن سينا وعيسى المسيحي وخدم السلطان منصور بن نوح الساماني (٣٨٧ - ٣٨٩ ه‍ / ٩٩٧ - ٩٩٩ م) ثم أبي الحسن قابوس شمس المعالي في جرجان، والسلطان ألي الحسن علي بن مأمون وأخيه الخوارزمشاه أبي العباس مأمون قبل أن ينخرط في خدمته الغزونيين ومعهم زار الهند وكن غزنه (في الأفغانستان اليوم) حيث بقي يؤلف ويكتب حتى وفاته وعمره حوالي ٧٨ سنة مملوءة بالإنتاج القيم والخدمة للعلم وتقدم الإنسانية الفكرية:
(٢) إن كتاب البيروني، الصيدنة في الطب قد تم تحقيقه ونشره مع تقديم مختصر في كراتشي - الباكستان تحت إشراف مؤسسة همدرد الوطنية ورئيسها الحكيم محمد سعيد، في حزئين سنة ١٠٧٣ م، وقد ترجم إلى الروسية مع شرح وتعليقات بقلم عبيد الله كريموف، طشقند، ١٩٧٤ م. هذا آخر كتاب للبيروني وقد توفي قبل أن تتاح له فرصة تبييض المسودة التي أعدها للمقارنة بين صيدنة البيروني ومفردات الطب للغافقي.
(٣) مقدمتا كتابي البيروني في الصيدنية وفي الجواهر يمكن اعتبارهما من أروع ما كتب بالعربية في العصر الوسيط في موضوعهما فهما حافلتان بالأفكار الجديدة النيرة عن حياة المؤلف الشخصية وآرائه الأصلية في العلوم والاجتماع والاقتصاد حتى أن ادورد سخاو يعتبره أعظم عقلية عرفها التاريخ.
(٤) كتاب الجماهر في معرفة الجواهر للبيروني تم طبعه وتحقيقه في حيدرآباد، دائرة المعارف العثمانية، 1355 ه‍ / 1936 م بواسطة المستشرق فرتيز كرنكو وقد اعتمد في عمله على ثلاث نسخ: الآستانة بمكتبة طوب كاباي والآن مكتبة أحمد الثالث تحت رقم طب 2047 في 193 ق تم نقلها سنة 626 ه‍ وهي أصح النسخ بخط أحمد بن صديق بن محمد الطبيب ونسخة راشد بالقيصرية ونسخة الاسكوريال رقم 905 عربي (الطبعة جيدة ما خلا أخطأ قليلة). أما كاتب هذه المقالة فقد اعتمد بالإضافة لهذا على نسخة جامعة هارفارد والتي ربما هي نسخة عن مخطوط الآستانة السابق ذكره كما وقد فحص نسخة في مكتبة البودليان بجامعة أكسفورد بانكلترا (ناقصة) ذكرها أيضا Puscy. B. E في فهرست مخطوطات بودليان العربية الشرقية طبع أكسفورد، 1835، ص 126، وتوجد نسخة بالقاهرة، المكتبة التيمورية، رقم 153 طبيعيات.
(5) الجوهر في العربية هو كل حجر يستخرج منه شئ ينتفع به وهنا أطلق على الأعلاق النفيسة من الجواهر (المجوهرات)، والجوهري هو صانع وبائع الجواهر. والفلز بكسر الفاء واللام وشد الزاي هو أصلا نوع من النحاس الأبيض تجعل منه القدور المفرغة أو خبث الحديد أو الحجارة أو جواهر الأرض كلها أو ما ينقيه الكير من كل ما يذاب منها وهنا يشتمل على الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص وإن نفعها بالتداول وليس بالحزن في باطن الأرض إذ لم تكن آنذاك متاحف عامة بعد لعرضها على الجماهير. انظر القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، الطبعة الثانية، القاهرة، البابي الحلبي، 1371 ه‍ / 1952 م، ج 1: 410 ومجلد 2: 5193.
(6) البيروني، في الجواهر، طبعة 1936 م السابق ذكرها ص 31، 49. بلغت مدينة غزنة زمن المؤلف أعلى درجات الأهمية والعظمة والنفوذ وامتدت سلطة ملوكها من أواسط الهند إلى إيران وفي ذلك الباكستان والأفغانستان والبلاد المجاورة لهما ويعتبر الأمير محمود الغزنوي مؤسسها الحقيقي انظر محمد ناظم، حياة السلطان محمود الغزنوي وزمنه، كمبردج إنكلترا، 1931 م.
(7) كلمة الترويحة استعملت في شهر رمضان المبارك لاستراحة العابدين بعد كل أربع ركعات فسميت صلاة التراويح لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين (مفردها ترويحة) ثم أطلقت على الجلسة مطلقا للترويح عن النفس. انظر لسان العرب لجمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري ابن منظور، طبعة القاهرة، بولاق، ج 3: 287 - 289.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370