مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٤٤
وإنصاب النفس في إنشاء التدابير، لأنه بذلك يوقف نفسه على خدمة البلد والدفاع عن حياضه وتامين مصالح أفراد الرعية بكل ما أوتي من قوة وحكمة التدبير وحب العدالة وكرم الأخلاق ورفع الضيم وصيانة الكرامة في الأمة (1).
ترويحة 15: هذه آخر التراويح التي تخطها يد المؤلف في هذه المقدمة لكتابه الجماهر في معرفة الجوهر، وهنا نجد مرة أخرى معالجة جذرية لقضايا اقتصادية واجتماعية خاصة بالمعادن المتداولة كالعملة في أيدي الناس ووجوب وقايتها من الغش وحكم الشرع في ذلك فيقول: إنما حرم شرب الماء في أواني الذهب والفضة لما تقدم ذكره من انقطاع النفع العام بها واتجاه قول الشيطان عليه سورة النساء: 118 ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ولنكتة ربما قصدت فيه وهي أن هذه الأواني لا تكون إلا للملوك دون السوقة وللآنام بين الأيام من الضيق والسعة دول تدول وأحوال تحول وتجول فإذا صرف ما حقه أن يبث في الأعوان إلى تلك الأواني اتكالا على كثرة القنية أيام الرخاء من دون أن يهتم بالانفاق على أتباعه ثم دار الزمان وأتى بعده فافتقر، أحوج إلى سكبها وطبعها دراهم ودنانير ففترت النيات بظهور الضيقة وطمع الأعداء بانتشار خبر الضعف والافلاس بين الناس، فهم عبيد الطمع ومانعو الحقوق إذا أمكن، وهو المعنى المظنون به أنه محشو تحت التحريم فلن يخلو السرع من مصلحة عامة أو خاصة دنياوية أو آخرانية. هذه دروس ومواعظ من الماضي البعيد يدرجها المؤلف مع إيضاح وثاقب بصيرة لينقل لقارئيه موعظة في معنى القناعة والفطنة وينصح القارئ من مغبة الشر والانحراف والسير في طريق السلامة من الغاشين والدعار مما يؤدي إلى الخيبة والدمار.
وينهي البيروني مقدمته في فصل أخير يعبر فيه عن محاولته لبحث الجواهر والأعلاق النفيسة المذخورة في الخزائن عند الملوك والنبلاء ويبدي رغبته في دراسة كل جوهر أو معدن في فصل مستقل به متسلسلا من مقالة إلى أخرى ذاكرا أصل الجوهر أو المعدن ومنبته في الأرض وأشكاله وألوانه وأحواله وكثافته النوعية وأوصافه الظاهرة والخفية وإثمانه المعروفة أو المنسوبة وإقبال الورى في طلبها للزينة ولقيمتها المادية أيضا.
هذه هي مساقات ومواد الكتاب في مقالتين: المقالة الأولى في الجواهر:
الياقوت مع أشباهه من الجواهر كاللعل البدخشي والبيجاذي، والألماس، والسنباذج واللؤلؤ، والمرجان، والزمرد وأشباهه، والفيروزج، والعقيق، والجزع، والبلور، والبسد والجمشت، واللازورد، والدهنج، واليشم، والسبج، والبادزهر وحجر التيس الترياق الفارسي أو الباذزهر والموميا، وخرز الحيات، والختق، والكهربا، والمغناطيس، وحجر الخماهن والكرك، والشاذنج، والزجاج، والمينا والقصاع الصينية، والأذرك. والمقالة الثانية في الفلزات: الزئبق، والذهب والفضة والنحاس والحديد، والاسرب، والخارصيني وأشباهه، والطاليقون. فهذا التقسيم يعطينا فكرة عن كيفية نظر البيروني إلى هذه المواد الطبيعية وتمييز الجواهر والأحجار منها بألوانها وصفاتها الطبيعية عن المعادن المستخرجة من المناجم بما في ذلك أنواع الأتربة والطباشير وسواها (2).
استنتاجات ختامية: بعد مراجعة قول البيروني في مقدمة كتاب الجماهر يميل كاتب هذه المقالة إلى ترجيح الاستنتاجات والاقتراحات والتعليقات الآتية:
1 كانت لدى البيروني، بثاقب نظره وعمق اختباره وسعة اطلاعه، نظرات وآراء في الدين والاجتماع والاقتصاد والعمران وجد في هذه المقدمة لها مخرجا لتسجيلها ومعالجتها وشرحها فجاءت سهلة المأخذ ضمن فكرة تأملاته الهادئة العميقة.
2 كانت في نفس البيروني ثورة جدية واعية ضد الانحراف الاجتماعي والمظالم والانخداع بمظاهر الأبهة والتسلط الزائف فأراد محاربتها وكشف خداعها بأسلوبه الواقعي المقنع اللطيف دون إثارة النعرات والضوضاء حوله.
3 كان مدار حديثه من بعيد وحتى من قريب، أن يقود القارئ إلى تركيز نظره وفكره في القيمة الحقيقية والتقليدية للجواهر والأعلاق النفيسة وكان البيروني نفسه يود أن يبعث الطمأنينة والثقة إلى نفس القارئ والآتيان بالقيمة الحقيقية لهذه المنتجات الطبيعية وأنه يعطيها حقا من الاهتمام بلا زيادة ولا نقصان لئلا تغوي المرء بألوانها الزاهية البراقة وما يتبع ذلك من تهالك الناس على اقتناء الذهب والمجوهرات فيهمل أهمية ما يمكن تحقيقه بواسطتها في الصناعة والحيل والمعاملات التجارية بين الناس من خدمة جلى لسهولة تداولها وجمال تكوينها وبديع صنعها سواء أكانت في باطن الأرض أم بعد اكتشافها واستعمالاتها المتباينة.
4 يقدم المؤلف أيضا آراء أصيلة في غاية الأهمية بما يختص بتاريخ الاقتصاد والسياسة والمجتمع الإنساني مشيرا إلى ما للناحية الدينية من الأثر البعيد في إشادة بناء صرح متين من الخلق الحسن والفضائل بالتمسك بأهداب الدين الحنيف باخلاص وإيمان قويم صادق بعيد عن المظاهر الزائفة والرياء الكاذب الذي أصبح كسوس ينخر في جسم الأمة كلها حتى صار التدين ثوبا خارجيا ليس إلا.
5 بأسلوب رائع منهجي صحيح وواقعي يعطي البيروني رصيدا وافرا في الاصطلاحات اللغوية القيمة في العلوم والحيل والفنون والآداب مؤكدا بذلك مرة أخرى غنى لغة القرآن الكريم ومقدرتها على استيعاب العلوم و المعارف كلها في عصره ومسايرة التقدم فيها فأجاد بذلك أيما إجادة مما يجعل هذه المقدمة آية في الابداع والاعجاز وفريدة أدبيا وعلميا من نوعها في الحضارة الإنسانية.
6 كان المؤلف نفسه من ناحية عالما بانتشار طرق الغش والخداع من قبل عدد كبير من جواهربي جواهرجي عصره ومهارتهم في أساليبهم الكاذبة،

(1) يعطينا البيروني هنا آراء جديدة في صلاح الحكم العادل والشورى مع أنها تحمل معاني مثالية غير متوفرة في العالم السياسي على حقيقة، ولا شك أن المبادىء الدينية كان لها الأثر الكبير في ذلك الاتجاه عند المؤلف.
قسم البيروني كتابه في الجواهر إلى مقدمة عرفناها مع تعليقات وشرح باختصار ثم مقالتين فصل فيهما بين الجواهر ذات الألوان البراقة والصفات الطبيعية الجذابة كالياقوت واللؤلؤ وبين المعادن ذات الوزن النوعي والصفات الخاصة بها ومنها الصلب كالنحاس والفضة ومنها اللين الرجراج كالزئبق والهش كالطاليقون مما له أهمية في تاريخ علمي الكيمياء غير العضوية والطبيعية.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 7
3 أحمد مسكويه 8
4 أحمد آل عصفور - البحراني 19
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 20
6 أحمد القطيفي 32
7 أحمد الغريفي 33
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 41
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 42
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 43
11 أحمد الصاحب 45
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 46
13 إدريس الأول 49
14 إسماعيل الصفوي 50
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 68
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 69
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 70
18 جارية بن قدامة السعدي 71
19 جعفر القطاع - البحراني 77
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 78
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 79
22 الحسن الوزير المهلبي 81
23 حسن الدمستاني 92
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 93
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 95
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 98
27 الحسين الطغرائي 99
28 حسين الفوعي - القزويني 104
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 105
30 حمد البيك 120
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 134
32 داود البحراني 138
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 139
34 سعيد حيدر 140
35 سليمان الأصبعي 151
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 152
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 153
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 154
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 155
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 156
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 158
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 159
43 عبد الكريم الممتن 160
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 162
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 163
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 164
47 عبيدة - عدنان الغريفي 172
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 173
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 174
50 علي بن المؤيد 176
51 علي باليل 183
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 185
53 علي الغريفي 196
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 201
55 علي الحماني 202
56 علي بن الفرات 211
57 علي التهامي 213
58 عمر بن العديم 218
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 220
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 222
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 223
62 محمد الكناني 226
63 محمد بن أحمد الفارابي 227
64 محمد البيروني 232
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 245
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 246
67 محمد الكرزكاني - المقابي 281
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 282
69 محمد البحراني - البرغاني 286
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 287
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 297
72 محمد عباس الجزائري 298
73 محمد علي البرغاني 299
74 محمد صالح البرغاني 300
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 305
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 308
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 309
78 محمود بن الحسين كشاجم 312
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 322
80 معتوق الأحسائي 327
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 328
82 مهدي الحكيم 330
83 مهدي بحر العلوم 330
84 مهدي المازندراني - الحيدري 333
85 منصور كمونة 336
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 337
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 338
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 342
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 343
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 344
91 يعقوب الكندي 349
92 يوسف بن قزغلي 355
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 356
94 الخراسانية والمتشيعة 361
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 364
96 سعد صالح 367
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 368
98 ابن جبير في جبل عامل 370