فانصرف بعضهم إلى المدينة ورمى المخلوع عند ذلك بنفسه من الحراقة في دجلة متخلصا إلى الشط نادما على ما كان من خروجه ناقضا للعهد داعيا بشعاره فابتدره عدة من أوليائي الذين كنت وكلتهم بما بين مشرعة باب خراسان وركن الصراة فأخذوه عنوة قهرا بلا عهد ولا عقد فدعا بشعاره وعاد في نكثه فعرض عليهم مائة حبة ذكر أن قيمة كل حبة مائة ألف درهم فأبوا الا الوفاء لخليفتهم أبقاه الله وصيانة لدينهم وايثارا للحق الواجب عليهم فتعلقوا به قد أسلمه وأفرده كل يرغبه ويريد أن يفوز بالحظوة عندي دون صاحبه حتى اضطربوا فيما بينهم وتناولوه بأسيافهم منازعة فيه وتشاحا عليه إلى أن أتيح له مغيظا لله ودينه ورسوله وخليفته فأوتى عليه وأتاني الخبر بذلك فأمرت بحمل رأسه إلى فلما أتيت به تقدمت إلى من كنت وكلت بالمدينة والخلد وما حواليها وسائر من في المسالح في لزوم مواضعهم والاحتفاظ بما يليهم إلى أن يأتيهم أمرى ثم انصرفت فأعظم الله لأمير المؤمنين الصنع والفتح عليه وعلى الاسلام به وفيه فلما أصبحت هاج الناس واختلفوا في المخلوع فمصدق بقتله ومكذب وشاك وموقن فرأيت أن أطرح عنهم الشبهة في أمره فمضيت برأسه لينظروا إليه فيصح بعينهم وينقطع بذلك بعل قلوبهم ودخل التياث المستشرفين للفساد والمستوفزين للفتنة وغدوت نحو المدينة فاستسلم من فيها وأعطى أهلها الطاعة واستقام لأمير المؤمنين شرقي ما يلي مدينة السلام وغربيه وأرباعه وأرباضه ونواحيه وقد وضعت الحرب أوزارها وتلافي بالسلام والاسلام أهله وبعد الله الدغل عنهم وأصارهم ببركة أمير المؤمنين إلى الامن والسكون والدعة والاستقامة والاغتباط والصنع من الله جل وعز والخيرة والحمد لله على ذلك فكتبت إلى أمير المؤمنين حفظه الله وليس قبلي داع إلى فتنة ولا متحرك ولا ساع في فساد ولا أحد إلا سامع مطيع باخع حاضر قد أذاقه الله حلاوة أمير المؤمنين ودعة ولايته فهو يتقلب في ظلها يغدو في متجره ويروح في معايشه والله ولى ما صنع من ذلك والمتمم له والمان بالزيادة فيه برحمته وأنا أسأل الله ان يهنئ أمير المؤمنين نعمته ويتابع له فيها مزيده
(٨٨)