مكر الليل والنهار أمورا فقال لهم نعم ما رأيتم واعتزم على ذلك وخرج الخبر إلى طاهر فكتب إلى سليمان بن أبي جعفر وإلى محمد بن عيسى بن نهيك وإلى السندي ابن شاهك والله لئن تقروه وتردوه عن هذا الرأي لا تركت لكم ضيعة إلا قبضتها ولا تكون لي همة إلا أنفسكم فدخلوا على محمد فقالوا قد بلغنا الذي عزمت عليه فنحن نذكرك الله في نفسك ان هؤلاء صعاليك وقد بلغ الامر إلى ما ترى من الحصار وضاق عليهم المذهب وهم يرون ألا أمان لهم على أنفسهم وأموالهم عند أخيك وعند طاهر وهرثمة لما قد انتشر عنهم من مباشرة الحرب والجد فيها ولسنا نأمن إذا برزوا بك وحصلت في أيديهم أن يأخذوك أسيرا ويأخذوا رأسك فيتقربوا بك ويجعلوك سبب أمانهم وضربوا له فيه الأمثال قال محمد بن عيسى الجلودي وكان أبى وأصحابه قعودا في رواق البيت الذي محمد وسليمان وأصحابه فيه قال فلما سمعوا كلامهم ورأوا أنه قد قبله مخافة أن يكون الامر على ما قالوا له هموا أن يدخلوا عليهم فيقتلوا سليمان وأصحابه ثم بدا لهم وقالوا حرب من داخل وحرب من خارج فكفوا وأمسكوا قال محمد بن عيسى فلما نكت ذلك في قلب محمد ووقع في نفسه ما وقع منه أضرب عما كان عزم عليه ورجع إلى قبول ما كانوا بذلوا له من الأمان والخروج فأجاب سليمان والسندي ومحمد بن عيسى إلى ما سألوه من ذلك فقالوا إنما غايتك اليوم السلامة واللهو وأخوك يتركك حيث أحببت ويفردك في موضع ويجعل لك كل ما يصلحك وكل ما تحب وتهوى وليس عليك منه بأس ولا مكروه فركن إلى ذلك وأجابهم إلى الخروج إلى هرثمة قال محمد بن عيسى وكان أبى وأصحابه يكرهون الخروج إلى هرثمة لانهم كانوا من أصحابه وقد عرفوا مذاهبه وخافوا أن يجفوهم ولا يخصهم ولا يجعل لهم مراتب فدخلوا على محمد فقالوا له إذ أبيت أن تقبل منا ما أشرنا عليك به وهو الصواب وقبلت من هؤلاء المداهنين فالخروج إلى طاهر خير لك من الخروج إلى هرثمة قال محمد بن عيسى فقال لهم ويحكم أنا أكره طاهرا وذلك أنى رأيت في منامي كأني قائم على حائط من آجر شاهق في السماء عريض الأساس وثيق لم أر حائطا يشبهه في الطول والعرض والوثاقة وعلى سوادي
(٧٧)