يكون قد أتاه وإني أخبر أمير المؤمنين أنى رويت فيما دبر هرثمة بن أعين مولى أمير المؤمنين في المخلوع وما عرض عليه وأجابه إليه فوجدت الفتنة في تخلصه من موضعه الذي قد أنزله الله فيه بالذلة والصغار وصيره فيه إلى الضيق والحصار تزداد ولا يزيد أهل التربص في الأطراف إلا طمعا وانتشارا وأعلمت ذلك هرثمة ابن أعين وكراهتي ما أطعمه فيه وأجابه إليه فذكر أنه لا يرى الرجوع عما أعطاه فصادرته بعد يأس من انصرافه عن رأيه على أن يقدم المخلوع رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه وقضيبه قبل خروجه ثم أخلى له طريق الخروج إليه كراهة أن يكون بيني وبينه اختلاف نصير منه إلى أمر يطمع الأعداء فينا أو فراق القلوب بخلاف ما نحن عليه من الائتلاف والاتفاق على ذلك وعلى أن نجتمع لميعادنا عشية السبت فتوجهت في خاصة ثقاتي الذين اعتمدت عليهم وأثق بهم بربط الجأش وصدق البأس وصحة المناصحة حتى طالعت جميع أمر كل من كنت وكلت بالمدينة والخلد برا وبحرا والتقدمة إليهم في التحفظ والتيقظ والحراسة والحذر ثم انكفأت إلى باب خراسان وكنت أعددت حراقات وسفنا سوى العدة التي كانت لأركبها بنفسي لوقت ميعادي بيني وبين هرثمة فنزلتها في عدة ممن ركب معي من خاصة ثقاتي وشاكريتي وصيرت عدة منهم فرسانا ورجالة بين باب خراسان والمشرعة وعلى الشط وأقبل هرثمة بن أعين حتى صار بقرب باب خراسان معدا مستعدا وقد خاتلني بالرسالة إلى المخلوع إلى أن يخرج إليه إذا وافى المشرعة ليحمله قبل أن أعلم أو يبعث إلى بالرداء والسيف والقضيب على ما كان فارقني عليه من ذلك فلما وافى خروج المخلوع على من وكلت بباب خراسان نهضوا عند طلوعه عليهم ليعرفوا الطابع لأمري كان أتاهم وتقدمي إليهم ألا يدعوا أحدا يجوزهم الا بأمري فبادرهم نحو المشرعة وقرب هرثمة إليه الحراقة فسبق الناكث أصحابي إليها وتأخر كوثر فظفر به قريش مولاي ومعه الرداء والقضيب والسيف فأخذه وما معه فنفر أصحاب المخلوع عندما رأوا من إرادة أصحابي منع مخلوعهم من الخروج فبادر بعضهم حراقة هرثمة فتكفأت بهم حتى أغرقت في الماء ورسبت
(٨٧)