الذهب لما حصره طاهر قال فخرج ذات ليلة من القصر يريد أن يتفرج من الضيق الذي هو فيه فصار إلى قصر القرار في قرن الصراة أسفل من قصر الخلد في جوف الليل ثم أرسل إلى فصرت إليه فقال يا إبراهيم أما ترى طيب هذه الليلة وحسن القمر في السماء وضوئه في الماء ونحن حينئذ في شاطئ دجلة فهل لك في الشرب فقلت شأنك جعلني الله فداك فدعا برطل نبيذ فشربه ثم أمر فسقيت مثله قال فابتدأت أغنيه من غير أن يسألني لعلمي بسوء خلقه فغنيت ما كنت أعلم أنه يحبه فقال لي ما تقول فيمن يضرب عليك فقلت ما أحوجني إلى ذلك فدعا بجارية متقدمة عنده يقال لها ضعف فتطيرت من اسمها ونحن في تلك الحال التي هو عليها فلما صارت بين يديه قال تغنى فغنت بشعر النابغة الجعدي كليب لعمري كان أكثر ناصرا * وأيسر ذنبا منك ضرج بالدم قال فاشتد ما غنت به عليه وتطاير منه وقال لها غنى غير هذا فتغنت أبكى فراقهم عيني وأرقها * إن التفرق للأحباب بكاء ما زال يعدو عليهم ريب دهرهم * حتى تفانوا وريب الدهر عداء فقال لها لعنك الله أما تعرفين من الغناء شيئا غير هذا قالت يا سيدي ما تغنيت إلا بما ظننت أنك تحبه وما أردت ما تكرهه وما هو إلا شئ جاءني ثم أخذت في غناء آخر أما ورب السكون والحرك * إن المنايا كثيرة الشرك ما اختلف الليل والنهار ولا * دارت نجوم السماء في الفلك إلا لنقل النعيم من ملك * عان بحب الدنيا إلى ملك وملك ذي العرش دائم أبدا * ليس بفان ولا بمشترك فقال لها قومي غضب الله عليك قال فقامت وكان له قدح بلور حسن الصنعة وكان محمد يسميه زب رباح وكان موضوعا بين يديه فقامت الجارية منصرفة فتعثرت بالقدح فكسرته قال إبراهيم والعجب أنا لم نجلس مع هذه الجارية قط إلا رأينا ما نكره في مجلسنا ذلك فقال لي ويحك يا إبراهيم ما نرى ما جاءت به هذه
(٧٥)