أبى عون مالا جليلا وضمن له الشورجيون على رد غلمانهم لكل غلام خمسة دنانير فسألهم عن الغلام المعروف بالنميري المأسور والمعروف بالحجام فقالوا أما النميري فأسير في أيديهم وأما الحجام فان أهل الناحية ذكروا أنه كان يتلصص في ناحيتهم ويسفك الدماء فضربت عنقه وصلب على نهر أبى الأسد فلما عرف خبرهم أمر بضرب أعناقهم فضربت إلا رجلا يقال له محمد بن الحسن البغدادي فإنه حلف له أنه جاء في الأمان لم يشهر عليه سيفا ولا نصب له حربا فأطلقه وحمل الرؤوس والاعلام على البغال وأمر باحراق سفنهم فأحرقت وسار حتى أتى بنهر فريد فانتهى إلى نهر يعرف بالحسن بن محمد القاضي وعليه مسناة تعترض بين الجعفرية ورستاق القفص فجاءه قوم من أهل القرية من بنى عجل فعرضوا عليه أنفسهم وبذلوا له ما لديهم فجزاهم خيرا وأمر بترك العرض لهم وسار حتى أتى نهرا يعرف بباقثا فنزل خارجا من القرية التي على النهر وهى قرية تشرع على دجيل فأتاه أهل الكرخ فسلموا عليه ودعوا له بخير وأمدوه من الانزال بما أراد وجاءه رجل يهودي خيبري يقال له ماندويه فقبل يده وسجد له زعم شكرا لرؤيته إياه ثم سأله عن مسائل كثيرة فأجابه عنها فزعم أنه يجد صفته في التوراة وأنه يرى القتال معه وسأله عن علامات في بدنه ذكر أنه عرفها فيه فأقام معه ليلته تلك يحادثه وكان إذا نزل اعتزل عسكره بأصحابه الستة ولم يكن يومئذ ينكر النبيذ على أحد من أصحابه وكان يتقدم إلى محمد بن سلم في حفظ عسكره فلما كان في تلك الليلة أتاه في آخر الليل رجل من أهل الكرخ فاعلمه أن رميسا وأهل المفتح والقرى التي تتصل بها وعقيلا وأهل الأبلة قد أتوه ومعهم الدبيلا بالسلاح الشاك وأن الحميري في جمع من أهل الفرات وقد صاروا في تلك الليلة إلى قنطرة نهر ميمون فقطعوها ليمنعوه العبور فلما أصبح أمر فصيح بالزنج فعبروا دجيلا وأخذ في مؤخر الكرخ حتى وافى نهر ميمون فوجد القنطرة مقطوعة والناس في شرقي النهر والسميريات في بطنه والدبيلا في السميريات وأهل القرى في الجريبيات والمجونحات فأمر أصحابه بالامساك عنهم وأن يرحلوا عن النهر توقيا للنشاب ورجع فقعد على مائة ذراع من القرية فلما لم يروا أحدا يقاتلهم
(٥٥٢)