أبى عون المقيم كان بالأبلة قد أقبلوا نحوه ونزلوا نهر طين فأمر أصحابه بالمصير إلى الرزيقية وهى في مؤخر الباذاورد فصار إليها في وقت صلاة الظهر فصلوا بها واستعدوا للقتال وليس في عسكره يومئذ إلا ثلاثة أسياف سيفه وسيف على ابن أبان وسيف محمد بن سلم ونهض بأصحابه فيما بين الظهر والعصر راجعا نحو المحمدية وجعل علي بن أبان في آخر أصحابه وأمره أن يعرف خبر من يأتيه من ورائه وتقدم في أوائل الناس حتى وافى المحمدية فقعد على النهر وأمر الناس فشربوا منه وتوافى إليه أصحابه فقال له علي بن أبان قد كنا نرى من ورائنا بارقة ونسمع حس قوم يتبعونا فلسنا ندري أرجعوا عنا أم هم قاصدون إلينا فلم يستتم كلامه حتى لحق القوم وتنادى الزنج السلاح فبدر مفرج النوبي المكنى بأبي صالح وريحان بن صالح وفتح الحجام وكان فتح يأكل فلما نهض تناول طبقا كان بين يديه وتقدم أصحابه فلقيه رجل من الشورجيين يقال له بلبل فلما رآه فتح حمل عليه وحذفه بالطبق الذي كان في يده فرمى بلبل بسلاحه وولى هاربا وانهزم أصحابه وكانوا أربعة آلاف رجل فذهبوا على وجوههم وقتل من قتل منهم ومات بعضهم عطشا وأسر منهم قوم فأتى بهم صاحب الزنج فأمر بضرب أعناقهم فضربت وحملت الرؤوس على بغال كان أخذها من الشورجيين كانت تنقل الشورج ومضى حتى وافى القادسية وذلك وقت المغرب فخرج من القرية رجل من موالى بعض الهاشميين على أصحابه فقتل رجلا من السودان فأتاه الخبر فقال له أصحابه ائذن لنا في انتهاب القرية وطلب قاتل صاحبنا فقال لا سبيل إلى ذلك دون أن نعرف ما عند القوم وهل فعل القاتل ما فعل عن رأيهم ونسألهم أن يدفعوه إلينا فان فعلوا وإلا ساغ لنا قتالهم وأعجلهم المسير فصاروا إلى نهر ميمون راجعين فأقام في المسجد الذي كان أقام فيه في بدأته وأمر بالرؤوس المحمولة معه فنصبت وأمر بالاذان أبا صالح النوبي فأذن وسلم عليه بالامرة فقام فصلى بأصحابه العشاء الآخرة وبات ليلته بها ثم مضى من الغد حتى مر بالكرخ فطواها وأتى قرية تعرف بجبى في وقت صلاة الظهر فعبر دجيلا من
(٥٤٨)