خرج منهم قوم ليعرفوا الخبر وقد كان أمر جماعة من أصحابه فأتوا القرية فكمنوا فيها مخفين لاشخاصهم فلما أحسوا خروج من خرج منهم شدوا عليهم فأسروا اثنين وعشرين رجلا وسعوا نحو الباقين فقتلوا منهم جماعة على شاطئ النهر ورجعوا إليه بالرؤس والاسرى فأمر بضرب أعناقهم بعد مناظرة جرت بينه وبينهم وأمر بالاحتفاظ بالرؤس وأقام إلى نصف النهار وهو يسمع أصواتهم فأتاه رجل من أهل البادية مستأمنا فسأله عن غور النهر فاعلمه أنه يعرف موضعا منه يخاض وأعلمه أن القوم على معاودته بجمعهم يقاتلونه فنهض مع الرجل حتى أتى به موضعا على مقدار ميل من المحمدية فخاض النهر بين يديه وخاض الناس خلفه وحمله ناصح المعروف بالرملي وعبر بالدواب فلما صار في شرقي النهر كر راجعا نحو نهر ميمون حتى أتى المسجد فنزل فيه وأمر بالرؤوس فنصبت وأقام يومه وانحدر جيش رميس بجمعه في بطن دجيل فأقاموا بموضع يعرف بأقشى بإزاء النهر المعروف ببرد الخيار ووجه طليعة فرجع إليه فأخبره بمقام القوم هناك فوجه من ساعته ألف رجل فأقاموا بسبخة هناك على فوهة هذا النهر وقال لهم إن أتوكم إلى المغرب وإلا فأعلموني وكتب كتابا إلى عقيل يذكره فيه أنه قد كان بايعه في جماعة من أهل الأبلة وكتب إلى رميس يذكره حلفه له بالسيب أنه لا يقاتله وأنه ينهى أخبار السلطان إليه ووجه بالكتابين إليهما مع بعض الأكرة بعد أن أحلفه أن يوصلهما وسار من نهر ميمون يريد السبخة التي كان هيأ فيها طليعة فلما صار إلى القادسية والشيفيا سمع هناك نعيرا ورأى رميا وكان إذا سار يتنكب القرى فلم يدخلها وأمر محمد بن سلم أن يصير إلى الشيفيا في جماعة فيسأل أهلها أن يسلموا إليه قاتل الرجل من أصحابه في ممره كان بهم فرجع إليه فأخبره أنهم زعموا أنه لا طاقة لهم بذلك الرجل لولائه من الهاشميين ومنعهم له فصاح بالغلمان وأمرهم بانتهاب القريتين فانتهب منهما مالا عظيما عينا وورقا وجوهرا وحليا وأواني ذهب وفضة وسبى منهما يومئذ غلمانا ونسوة وذلك أول سبى سبى ووقفوا على دار فيها أربعة عشر غلاما من غلمان الشورج قد سد عليهم باب فأخذهم وأتى بمولى الهاشميين القاتل صاحبه فأمر محمد
(٥٥٣)