كل حرب أشرككم فيها بيدي وأخاطر معكم فيها بنفسي فرضوا ودعوا له بخير فلما أسحر أمر غلاما من الشورجيين يكنى أبا منارة فنفخ في بوق لهم كانوا يجتمعون بصوته وسار حتى أتى السيب راجعا فألقى هناك الحميري ورميسا وصاحب ابن أبي عون فوجه إليهم مشرقا برسالة أخفاها فرجع إليه بجوابها فصار صاحب الزنج إلى النهر فتقدم صاحب محمد بن أبي عون فسلم عليه وقال له لم يكن جزاء صاحبنا منك أن تفسد عليه عمله وقد كان منه إليك ما قد علمت بواسط فقال لم آت لقتالكم فقل لأصحابك يوسعون لي في الطريق حتى أجاوزكم فخرج من النهر إلى دجلة ولم يلبث أن جاء الجند ومعهم أهل الجعفرية في السلاح الشاك فتقدم المكتنى بأبي يعقوب المعروف بحربان فقال لهم يا أهل الجعفرية أما علمتم ما أعطيتمونا من الايمان المغلظة ألا تقاتلونا ولا تعينوا علينا أحدا وأن تعينونا متى اجتاز بكم أحد منا فارتفعت أصواتهم بالنعير والضجيج ورموه بالحجارة والنشاب وكان هناك موضع فيه زهاء ثلثمائة زرنوق فأمر بأخذها فأخذت وقرن بعضها ببعض حتى صارت كالشاشات وطرحت إلى الماء وركبها المقاتلة فلحقوا القوم فقال بعضهم عبر علي بن أبان يومئذ قبل أخذ الزرانيق سباحة ثم جمعت الزرانيق وعبر الزنج وقد زالوا عن شاطئ النهر فوضعوا فيهم السيف فقتل منهم خلق كثير وأتى منهم بأسرى فوبخهم وخلى سبيلهم ووجه غلاما من غلمان الشورجيين يقال له سالم يعرف بالزغاوي إلى من كان دخل الجعفرية من أصحابه فوردهم ونادى ألا برئت الذمة ممن انتهب شيئا من هذه القرية أو سبى منها أحدا فمن فعل ذلك فقد حلت به العقوبة الموجعة ثم عبر من غربي السيب إلى شرقيه واجتمع أصحابه الرؤساء حتى إذا جاوز القرية بمقدار غلوة سمع النعير من ورائه في بطن النهر فتراجع الزنج فإذا رميس والحميري وصاحب ابن أبي عون قد وافوه لما بلغهم حال أهل الجعفرية فألقى السودان أنفسهم عليهم فأخذوا منهم أربع سميريات بملاحيها ومقاتليها فأخرجوا السميريات بمن فيها ودعا بالمقاتلة فسألهم فأخبره أن رميسا وصاحب ابن أبي عون لم يدعهم حتى حملاهم على المصير إليه وأن أهل القرى حرضوا رميسا وضمنوا له ولصاحب ابن
(٥٥١)