بالخلافة ألا فقوموا إلى البيعة لخليفتكم فصعد جماعة من الوجوه إليه إلى المنبر رجل فرجل فبايعه لعبد الله المأمون بالخلافة وخلع محمدا ثم نزل عن المنبر وحانت صلاة العصر فصلى بالناس ثم جلس في ناحية المسجد وجعل الناس يبايعونه جماعة بعد جماعة يقرأ عليهم كتاب البيعة ويصافحونه على كفه ففعل ذلك أياما وكتب إلى سليمان بن داود بن عيسى وهو خليفته على المدينة يأمره أن يفعل بأهل المدينة مثل ما فعل هو بأهل مكة من خلع محمد والبيعة لعبد الله المأمون فلما رجع جواب البيعة من المدينة إلى داود وهو بمكة رحل من فوره بنفسه وجماعة من ولده يريد المأمون بمرو على طريق البصرة ثم على فارس ثم على كرمان حتى صار إلى المأمون بمرو فأعلمه ببيعته وخلعه محمد أو مسارعة أهل مكة وأهل المدينة إلى ذلك فسر بذلك المأمون وتيمن ببركة مكة والمدينة إذ كانوا أول من بايعه وكتب إليهم كتابا لينا لطيفا يعدهم فيه الخير وبسط أملهم وأمر أن يكتب لداود عهد على مكة والمدينة وأعمالها من الصلاة والمعاون والجباية وزيد له ولاية عك وعقد له على ذلك ثلاثة ألوية وكتب له إلى الري بمعونة خمسمائة ألف درهم وخرج داود بن عيسى مسرعا مغذا مبادرا لادراك الحج ومعه ابن أخيه العباس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وقد عقد المأمون للعباس بن موسى بن عيسى على ولاية الموسم فسار هو وعمه داود حتى نزلا بغداد على طاهر بن الحسين فاكرمهما وقربهما وأحسن معونتهما ووجه معهما يزيد ابن جرير بن يزيد بن خالد بن عبد الله القسري وقد عقد له طاهر على ولاية اليمن وبعث معه خيلا كثيفة وضمن لهم يزيد بن جرير بن يزيد بن خالد بن عبد الله القسري أن يستميل قومه وعشيرته من ملوك أهل اليمن وأشرافهم ليخلعوا محمدا ويبايعوا عبد الله المأمون فساروا جميعا حتى دخلوا مكة وحضر الحج فحج بأهل الموسم العباس بن موسى بن عيسى فلما صدروا عن الحج انصرف العباس حتى أتى طاهر بن الحسين وهو على حصار محمد وأقام داود بن عيسى على عمله بمكة والمدينة ومضى يزيد بن جرير إلى اليمن فدعا أهلها إلى خلع محمد
(٤٦)