في مرضه هذا فالخليفة من بعده أبو إسحاق ابن أمير المؤمنين الرشيد فكتب بذلك محمد بن داود وختم الكتب وأنفذها فكتب أبو إسحاق إلى عماله من أبي إسحاق أخي أمير المؤمنين والخليفة من بعد أمير المؤمنين فورد كتاب من أبي إسحاق محمد بن هارون الرشيد إلى إسحاق بن يحيى بن معاذ عامله على جند دمشق يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب عنوانه من عبد الله عبد الله الامام المأمون أمير المؤمنين والخليفة من بعد أمير المؤمنين أبي إسحاق بن أمير المؤمنين الرشيد * أما بعد فان أمير المؤمنين أمر بالكتاب إليك في التقدم إلى عمالك في حسن السيرة وتخفيف المؤنة وكف الأذى عن أهل عملك فتقدم إلى عمالك في ذلك أشد التقدمة واكتب إلى عمال الخراج بمثل ذلك وكتب إلى جميع عماله في أجناد الشأم جند حمص والأردن وفلسطين بمثل ذلك فلما كان يوم الجمعة لاحدى عشرة بقيت من رجب صلى الجمعة إسحاق بن يحيى بن معاذ في مسجد دمشق فقال في خطبته بعد دعائه لأمير المؤمنين اللهم وأصلح الأمير أخا أمير المؤمنين والخليفة من بعد أمير المؤمنين أبا إسحاق ابن أمير المؤمنين الرشيد (وفى هذه السنة) توفى المأمون * ذكر الخبر عن سبب المرض الذي كانت فيه وفاته * ذكر عن سعيد العلاف القارئ قال أرسل إلى المأمون وهو ببلاد الروم وكان دخلها من طرسوس يوم الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة فحملت إليه وهو في البدندون فكان يستقرئني فدعاني يوما فجئت فوجدته جالسا على شاطئ البدندون وأبو إسحاق المعتصم جالس عن يمينه فأمرني فجلست نحوه منه فإذا هو وأبو إسحاق مدليان أرجلهما في ماء البدندون فقال يا سعيد دل رجليك في هذا الماء وذقه فهل رأيت ماء قط أشد بردا ولا أعذب ولا أصفى صفاء منه ففعلت وقلت يا أمير المؤمنين ما رأيت مثل هذا قط قال أي شئ يطيب أن يؤكل ويشرب هذا الماء عليه فقلت أمير المؤمنين أعلم فقال رطب الآزاذ فبينا هو يقول هذا إذ سمع وقع لجم البريد فالتفت فنظر فإذا بغال من بغال البريد على
(٢٠٧)