أعجازها حقائب فيها الألطاف فقال لخادم له اذهب فانظر هل في هذه الألطاف رطب فانظر فإن كان آزاذ فأت به فجاء يسعى بسلتين فيهما رطب آزاذ كأنما جنى من النخل تلك الساعة فأظهر شكرا لله تعالى وكثر تعجبا منه فقال ادن فكل فأكل هو وأبو إسحاق وأكلت معهما وشربنا جميعا من ذلك الماء فما قام منا أحد إلا وهو محموم فكانت منية المأمون من تلك العلة ولم يزل المعتصم عليلا حتى دخل العراق ولم أزل عليلا حتى كان قريبا ولما اشتدت بالمأمون علته بعث إلى ابنه العباس وهو يظن أن لن يأتيه فأتاه وهو شديد المرض متغير العقل وقذ نفذت الكتب بما نفذت له في أمر أبي إسحاق بن الرشيد فأقام العباس عند أبيه أياما وقد أوصى قبل ذلك إلى أخيه أبي إسحاق وقيل لم يوص إلا والعباس حاضر والقضاة والفقهاء والقواد والكتاب وكانت وصيته هذا ما أشهد عليه عبد الله بن هارون أمير المؤمنين بحضرة من حضره أشهدهم جميعا على نفسه أنه يشهد ومن حضره أن الله عز وجل وحده لا شريك له في ملكه ولا مدبر لامره غيره وأنه خالق وما سواه مخلوق ولا يخلو القرآن أن يكون شيئا له مثل ولا شئ مثله تبارك وتعالى وأن الموت حق والبعث حق والحساب حق وثواب المحسن الجنة وعقاب المسئ النار وأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد بلغ عن ربه شرائع دينه وأدى نصيحته إلى أمته حتى قبضه الله إليه صلى الله عليه أفضل صلاة صلاها على أحد من ملائكته المقربين وأنبيائه والمرسلين وأنى مقر مذنب أرجو وأخاف إلا أنى إذا ذكرت عفو الله رجوت فإذا أنا مت فوجهوني وغمضوني وأسبغوا وضوئي وطهوري وأجيدوا كفني ثم أكثروا حمد الله على الاسلام ومعرفة حقه عليكم في محمد إذ جعلنا من أمته المرحومة ثم أضجعوني على سريري ثم عجلوا بي فإذا أنتم وضعتموني للصلاة فليتقدم بها من هو أقربكم بي نسبا وأكبركم سنا فليكبر خمسا يبدأ في الأولى في أولها بالحمد لله والثناء عليه والصلاة على سيدي وسيد المرسلين جميعا ثم الدعاء للمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والأموات ثم الدعاء للذين سبقونا بالايمان ثم ليكبر الرابعة فيحمد الله ويهلله ويكبره ويسلم في الخامسة ثم أقلوني فأبلغوا بي حفرتي ثم لينزل أقربكم
(٢٠٨)