بأسكم وجدكم على كراديس القلب فإنكم لو قد فضضتم منها راية واحدة رجعت أوائلها على أواخرها فصبر أصحابه صبرا صادقا ثم حملوا على أولى رايات القلب فهزموهم وأكثروا فيهم القتل ورجعت الرايات بعضها على بعض وانتقضت ميمنة على ورأى أصحاب ميمنة طاهر وميسرته ما عمل أصحابه فرجعوا على من كان في وجوههم فهزموهم وانتهت الهزيمة إلى علي فجعل ينادى أصحابه أين أصحاب الأسورة والأكاليل يا معشر الأبناء إلى الكرة بعد الفرة معاونة الحرب من الصبر فيها ورماه رجل من أصحاب طاهر بسهم فقتله ووضعوا فيهم السيوف يقتلونهم ويأسرونهم حتى حال الليل بينهم وبين الطلب وغنموا غنيمة كثيرة ونادى طاهر في أصحاب على من وضع سلاحه فهو آمن فطرحوا أسلحتهم ونزلوا عن دوابهم ورجع طاهر إلى مدينة الري وبعث بالأسرى والرؤس إلى المأمون وذكر أن عبد الله بن علي بن عيسى طرح نفسه في ذلك اليوم بين القتلى وقد كانت به جراحات كثيرة فلم يزل بين القتلى متشبها بهم يومه وليلته حتى أمن الطلب ثم قام فانضم إلى جماعة من فل العسكر ومضى إلى بغداد وكان من أكابر ولده وذكر سفيان بن محمد أن عليا لما توجه إلى خراسان بعث المأمون إلى من كان معه من القواد يعرض عليهم قتاله رجلا رجلا فكلهم يصرح بالهيبة ويعتل بالعلل ليجدوا إلى الاعفاء من لقائه ومحاربته سبيلا وذكر بعض أهل خراسان أن المأمون لما أتاه كتاب طاهر بخبر على وما أوقع الله به قعد للناس فكانوا يدخلون فيهنئونه ويدعون له بالعز والنصر وأنه في ذلك اليوم أعلن خلع محمد ودعاء الخلافة في جميع كور خراسان وما يليها وسر أهل خراسان وخطب بها الخطباء وأنشدت الشعراء وفى ذلك يقول الشاعر أصبحت الأمة في غبطة * من أمر دنياها ومن دينها إذ حفظت عهد إمام الهدى * خير بنى حواء مأمونها على شفا كانت فلما وفت * تخلصت من سوء تحيينها قامت بحق الله إذ ذبرت * في ولده كتب دواوينها
(٢١)