من نفسه وودع أهله وتحنط وجدد ثيابه ولم يشك انه يقتله فلما أدخل عليه قال يا يحيى مالي ولك قال أنا عبدك يا أمير المؤمنين فما يكون من العبد إلى مولاه إلا طاعته قال فلم تدخل بيني وبين أخي وتفسده على قال يا أمير المؤمنين من أنا حتى أدخل بينكما إنما صيرني المهدى معه وأمرني بالقيام بأمره فقمت بما أمرني به ثم أمرتني بذلك فانتهيت إلى أمرك قال فما الذي صنع هارون قال ما صنع شيئا ولا ذلك فيه ولا عنده قال فسكن غضبه وقد كان هارون طاب نفسا بالخلع فقال له يحيى لا تفعل فقال أليس يترك لي الهنئ والمرئ فهما يسعانني وأعيش مع ابنة عمى وكان هارون يجد بأم جعفر وجدا شديدا فقال له يحيى وأين هذا من الخلافة ولعلك ألا يترك هذا في يدك حتى يخرج أجمع ومنعه من الإجابة قال الكرماني فحدثني صالح بن سليمان قال بعث الهادي إلى يحيى بن خالد وهو بعيساباذ ليلا فراعه ذلك فدخل عليه وهو في خلوة فأمر بطلب رجل كان أخافه فتغيب عنه وكان الهادي يريد أن ينادمه ويمنعه مكانه من هارون فنادمه وكلمه يحيى فيه فآمنه وأعطاه خاتم ياقوت أحمر في يده وقال هذا أمانة وخرج يحيى فطلب الرجل وأتى الهادي به فسر بذلك قال وحدثني غير واحد أن الرجل الذي طلبه كان إبراهيم الموصلي قال صالح بن سليمان قال الهادي يوما للربيع لا يدخل على يحيى بن خالد إلا آخر الناس قال فبعث إليه الربيع وتفرغ له قال فلما جلس من غد أذن حتى لم يبق أحد ودخل عليه يحيى وعنده عبد الصمد ابن علي والعباس بن محمد وجلة أهله وقواده فما زال يدنيه حتى أجلسه بين يديه وقال له إني كنت أظلمك وأكفرك فاجعلني في حل فتعجب الناس من اكرامه إياه وقوله فقبل يحيى يده وشكر له فقال له الهادي من الذي يقول فيك يا يحيى:
لو يمس البخيل راحة يحيى * لسخت نفسه ببذل النوال قال تلك راحتك يا أمير المؤمنين لا راحة عبدك قال وقال يحيى للهادي في خلع الرشيد لما كلمه فيه يا أمير المؤمنين إنك إن حملت الناس على نكث الايمان هانت عليهم أيمانهم وإن تركتهم على بيعة أخيك ثم بايعت لجعفر من بعده كان ذلك أو كد لبيعته فقال صدقت ونصحت ولى في هذا تدبير قال الكرماني وحدثني