بذلك ويكون له في العادة على مثل هذا أجرة ".
وتبعه في كثير من ذلك في المسالك، وفي الجميع ما عرفت من عدم صحة الجعالة فضلا عن الإجارة، لعدم شمول الربح للمالك حين الجعل، والمضاربة شرعت لدليلها، مع أن العامل يملك جزاء، من المال بظهور الربح فيه، بل لو جاز في الجعالة نحو ذلك لكانت المضاربة قسما منها على أنه ليس في الجعالة عموم يشمل الفرض بناء على أنها ليس من العقود كي تندرج في عمومها، إذا قلنا أنها عبارة عن الايجاب والقبول، لما ستعرفه في محله إنشاء الله من قوة القول بأن الجعالة من قسم الايقاع، والمتيقن مما جاء فيها كتابا وسنة كون الجعل مملوكا ذمة أو خارجا، بل هو المناسب لانشاء تمليكه، وإن كان لا يملكه إلا بعد تمام العلم، و حينئذ فلا فرق في عدم جواز الربح جعلا بين كونه لعمل آخر كرد عبد ونحوه وبين كونه لذلك العمل نفسه كما لو قال بعه بالزيادة وهي لك وغير ذلك وما تسمعه انشاء الله في باب الجعالة من التوسعة فيها إنما هي في أمر آخر لا ما يشمل المقام فلاحظ وتأمل بل الالتزام بمضمون النصوص المزبورة وإن كان مخالفا للقواعد أولى من ذلك وينبغي حينئذ الجمود على ما فيها من ابتداء التاجر الدلال أما العكس فلا دلالة في النصوص حينئذ، فيبقى على القواعد من استحقاق أجرة المثل ولعله لذلك فرق الشيخان فيهما وإن أبيت من ذلك فحمل النصوص حينئذ وكلام الشيخين على توكيل التاجر الدلال على قبول المتاع بما فرضه من القيمة على نفسه عند إرادة البيع فيكون بيع المتاع حينئذ له والزيادة له أولى، فهو أشبه شئ بقول المالك أذنت لك ببيع مالي لك وعليك قيمته فإذا باعه تعلقت قيمته، في ذمته بل في عبارتي المقنعة والنهاية ما يشهد له.
ولا فرق في ذلك بين ابتداء التاجر بذلك أو الدلال، وليس في كلام الشيخين ظهور في الفرق المزبور الذي لا يكاد يحصل له وجه معتد به كما أوضحه فيما سمعته من جامع المقاصد. نعم الظاهر أن منشأ الفرق فيما ذكره من الصورتين عدم تعرض الدلال والتاجر للزيادة، وإنما طلب الدلال الاخبار بالثمن ومقدار الربح كي إذا باعه به فصاعدا يستحق