إذ لا فرق بين المقامين على الظاهر، وقد تقدم في الأبحاث السابقة في الخيار ما يؤكد ذلك فلاحظ وتأمل فإنه قد تقدم لنا في خيار الغبن ما يقتضي أن الأصل اعتبار وجود العين في الخيار، إلا ما خرج، ولعله لظهور التخيير بين الرد والامساك في ذلك.
لكن قد يقال هنا أن الخيار إنما هو في العقد ورد العين، إنما هو من توابعه، وحكمها في كل مقام يراد منه الرد، الانتقال للمثل والقيمة، وأولى من ذلك ما لو تعيبت عنده قبل علمه بالتدليس، لكنه قال في القواعد: " إنه لا شئ له أيضا "، وعلله في جامع المقاصد بالاقتصار على موضوع الوفاق، وبأن هذا العيب من ضمان المشتري، بل قال: " إن التقييد بقبلية علمه غير ظاهر، لأن العيب إذا تجدد بعد علمه يكون كذلك، إلا أن يقال إنه غير مضمون عليه، الآن لثبوت خياره " قلت: التعليلان الأولان معا كما ترى، إذ لا دليل على أن حدوث العيب مانع من الرد في غير المعيب.
نعم ما ذكره من التعليل أخيرا جيد وإن كان هو غير موافق لما أسلفناه سابقا، لكن منه ينقدح أن عدم سقوط خيار التصرية بالاختبار لتقدمه على حصول سببه، فلا ينافي حينئذ ما دل على سقوط الخيار بالتصرف، ضرورة ظهوره فيما كان منه بعد ثبوت الخيار، خصوصا إذا قلنا بذلك لدلالته على الرضا، بل قد ينقدح من ذلك أن أحكام التصرية على القاعدة، وأنها فرد من خيار التدليس والله أعلم.
المسألة (الثانية: الثيبوبة ليست عيبا) في الإماء كما هو صريح جماعة، و مقتضى نفي الخيار به وحصر العيوب في غيره من آخرين، بل هو المشهور نقلا وتحصيلا، بل عن كشف الرموز لا خلاف بين الأصحاب في أن الثيبوبة ليست عيبا يوجب الرد، وإنما اختلفت عباراتهم في اشتراط البكارة، وفي التحرير لا نعلم خلافا في أن الثيبوبة ليست عيبا، وعن إيضاح النافع أن عليه الفتوى، لأن البكارة صفة كمال بالنسبة إلى غير العاجز وليست عيبا، ونسبه أيضا إلى الأصحاب، وفي المسالك أطلق الأصحاب، والأكثر من غيرهم أن الثيبوبة ليست عيبا ولعله لأصالة اللزوم بعد غلبة ذلك فيهن، وصيرورته