من غير فرق بين التلبس في الفعل وعدمه بعد جواز القطع، فمن الغريب اضطرابهم في ذلك حتى أنهم ذكروا لهم صحيح علي بن جعفر وناقشوهم دلالته كما عرفته مفصلا، بل في كشف اللثام كيف يجوز إبطال الصلاة الواجبة من غير ضرورة ولا إجماع ولا نص صحيح، إلا أن يراد صحة الصلاة وإن حصل الإثم، وهو واضح لا حاجة به إلى دليل غير ما تقدم من أدلة التخيير بين جمع الجنائز بصلاة وإفراد كل بصلاة، أو يقال: إنه ليس من الابطال حقيقة بناء على أنه كما يجوز إلى آخر ما نقلناه عنه فيما احتملناه في الرضوي، لكن لا يخفى عليك ما في ذلك كله بعد الإحاطة بما ذكرناه.
وقد ظهر لك أن الأقوى التخيير بين الوجوه الثلاثة: الاتمام على الأولى والتشريك والقطع ثم الاستئناف من غير فرق في ذلك بين ما استحب الصلاة عليها من الجنائز وما وجب، لما عرفته سابقا من جواز الجمع بينهما ابتداء، فكذا في الأثناء، لكن عن التذكرة، ونهاية الأحكام تعيين الاتمام على الأولى إذا كانت الصلاة على الأخيرة مستحبة، وعلل باختلاف الوجه، وقد عرفت عدم اعتباره عندنا، لكن مقتضاه عدم الفرق في عدم جواز الجمع بين حضورهما معا أو مجئ إحداهما في أثناء الأخرى، وظاهر المحكي عنهما اختصاصه في حضور المستحبة بعد التلبس في الواجبة، ولذا قال في كشف اللثام: وكأنه ناظر إلى ما احتملناه من أنه لا يبطل صلاته على الأول حتى يريد التشريك، بل هي صلاة واحدة مستمرة، فإذا ابتدأ بها مستحبة جاز أن يعرض لها الوجوب في الأثناء، لأنه زيادة تأكد لها دون العكس، فإنه إزالة للوجوب لكن لا يخفى عليك أنها اعتبارات لا تصلح أن تكون مدركا لحكم شرعي فضلا عن أن تعارض المدارك التي ربما عد ذلك كله بالنسبة إليها اجتهادا في مقابلة النص.
نعم قد يحرم القطع والتشريك بالعارض كما إذا خاف على الأولى خاصة من طول المكث من فتق ونحوه، كما أنه يتعين عليه القطع أو يرجح له حتى على القول بحرمته إذا