إذ قد عرفت أن مراده باليقين ما ذكرناه، بل صرح به في الانتصار ردا على العامة بل قد يرشد إلى ذلك قوله فيها أيضا: (وباقي الفقهاء) إلى آخره، إذ المنقول عنهم البناء على الأقل، فلو كان مراده باليقين ذلك لم يتجه نقل الخلاف عنهم، فظهر حينئذ إرادة البناء على النقصان بعد التسليم من اليقين بمعنى معاملتها معاملة الناقصة تحصيلا لليقين، بل لعل هذا وجه ما في بعض الأخبار (1) أيضا من البناء على النقصان، على أن بعضها (2) مشتمل على ما لا يقول به من البناء عليه أيضا حتى في الشك بين الواحدة والثنتين، كما أن جميعها موافق للعامة، فإن لم تكن قابلة لذلك كان حملها حينئذ على التقية متجها، لمخالفتها تلك الأخبار المتلقاة بين الأصحاب بالقبول المنقول على مضمونها الاجماعات كما سمعت.
ومن جميع ما تقدم تعرف فساد ما عن علي بن الحسين بن بابويه من التخيير بين البناء على الأقل والتشهد بكل ركعة وبين البناء على الأكثر مع الركعة بعد التسليم، إذ هو - مع ما سمعت من نسبة ولده في الأمالي المشهور إلى دين الإمامية، وما كان ليخفى عليه مذهب والده مع أنه من رؤسائهم سيما عنده - لا أعرف له مستندا في ذلك سوى أنه جمع بين أخبار البناء على الأكثر وأخبار البناء على الأقل، وهو بعد تسليم أن مثل هذا الجمع لا يحتاج إلى شاهد، بل ينتقل إليه من اللفظ، والغض عن دلالة الثانية، بل هي خالية عن الأمر بالتشهد في كل ركعة، بل فيها الأمر بالسجود الخالي منه كلامه فرع التكافؤ المفقود من وجوه، فما وقع من بعض متأخري المتأخرين من أن القول به متجه أو أقرب أو أصوب لا ينبغي أن يلتفت إليه.
(ثم استأنف) وجوبا (ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس) مخيرا بينهما