ذكره ذاكر غيرك كما ذهب إليه المقداد في كنزه، والمحدث البحراني في حدائقه حاكيا له عن الشيخ البهائي وعن الشيخ عبد الله بن صالح البحراني والكاشاني والمازندراني في شرحه على أصول الكافي، فلا يتوجه الاستدلال حينئذ كما اعترف به المقداد، اللهم إلا أن يدعى دلالته على الوجوب في جميع الأحوال، ولا قائل بوجوبها في غير الأحوال المزبورة بالاجماع، لكنه كما ترى، ومبني على ترجيح مجاز التقييد خصوصا مثل هذا التقييد على التجوز بالهيئة الذي يرجحه في خصوص المقام عطف التسليم المعلوم استحبابه إلا على قول نادر وعدم حصول الظن بإرادة التشهدين من إطلاق الآية، خصوصا مع الاتكال في بيانه على ما عرفت، والحمد لله الذي أغنانا بما عرفت عن هذه التكلفات حتى بالنسبة إلى دعوى الجنيدي كما لا يخفى على من أحاط بما ذكرنا.
فلا حاجة حينئذ إلى البحث عن وجوبها في غير التشهدين وعدمه وإن كان الأقوى فيه العدم مطلقا، للأصل والاجماعات السابقة التي يشهد لها التتبع والسيرة القطعية وخلو الأدعية الموظفة والخطب المعروفة والقصص المنقولة عن المعصومين (عليهم السلام) غالبا عنها، مع أن إثباتها فيها أوجب من إثبات كلماتها، وعدم تعليمها للمؤذنين في الأخبار النبوية، ولأنه لو كان كذلك لاشتهر حتى صار أشد ضرورة من وجوب الصلوات الخمس، لشدة تكرره وكثرة التلفظ به، خصوصا بناء على إلحاق ذكر الصفات الخاصة أو مطلقا بالاسم وكل مفيد للمعنى من إشارة أو ضمير أو نسب أو فعل ونحوها كما هو مقتضى إطلاق الأمر بها عند ذكره، بل ظاهر المحكي عن البهائي الميل إلى التزامه وإن فصل في الحدائق بين ما اشتهر إطلاقه عليه كالنبي والرسول وأبي القاسم فيجب، وغيره كخير الخلق وخير البرية والمختار فلا يجب، قال: ولعل الضمير من الثاني، ولا يخفى عليك أن أصل الوجوب فضلا عن الفروع مما لا ينبغي الميل إليه، بل بعض النصوص المدعى دلالتها على الوجوب هي نفسها مشعرة بالندب فضلا عن القرينة الخارجية