أن المراد ثبت وجوبه من السنة في مقابلة الكتاب كما هو كثير في النصوص، ويومي إليه الأمر بفعله الظاهر في وجوبه المنافي لإرادة الاستحباب من السنة فيه، نعم بناء على ذلك تخرج هذه النصوص شاهدا للمحكي عن الصدوق (رحمه الله) من " أن التشهد واجب لكنه ليس من قبيل الأركان المفروضة التي تبطل الصلاة بتركها على كل حال، وإنما هو واجب بالسنة والاخلال به وتخلل الحدث قبله غير مبطل للصلاة فيتوضأ ويأتي به قال: إن رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة وأحدثت فإن كنت قد قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك، وإن لم تكن قلت فقد مضت صلاتك فتوضأ ثم عد إلى مجلسك وتشهد " ويشهد له مضافا إلى النصوص السابقة صحيح زرارة (1) عن أبي جعفر (ع) " في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد قال:
ينصرف فيتوضأ، فإن شاء رجع إلى المسجد، وإن شاء ففي بيته، وإن شاء حيث شاء قعد فتشهد ثم يسلم، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته " وإليه يميل المحكي من كلام المجلسي في بحاره فإنه - بعد أن نقل خبر المحاسن وذكر احتمال الحمل على التقية وغيره من احتمال إرادة مستحبات التشهد - قال: والأظهر حمله على أن وجوبه يظهر من السنة لا من القرآن فيكون من الأركان، الحدث الواقع بعد الفراغ من أركان الصلاة لا يوجب بطلانها كما يدل عليه صحيح زرارة (2) أيضا واختاره الصدوق، ولا ينافي وجوب التشهد، وما ورد من الأمر بالإعادة في خبر قاصر السند يمكن حمله على الاستحباب، والأحوط العمل بهذا الخبر ثم الإعادة، قلت: يمكن إرادة الصدوق الاقتصار على خصوص هذه النصوص من غير تعدية إلى سائر المبطلات.
وكيف كان فالخلاف حينئذ ليس في وجوب التشهد، بل هو في بطلان الصلاة بتخلل الحدث في أثنائها، وستعرف هناك من الأدلة ما يوجب تأويل هذه النصوص