الوجوبي ولم يحصل ما يصرفها عنه وإن كان قد نوى أولا الاتيان بالواجب والمندوب، نعم قد يقال بعدم الاكتفاء مع فرض صحة خصوص ما نوى الندب بها مثلا، لأنا وإن قلنا: إنه لا يجب عليه نية التعيين لكن لا ريب في أن له ذلك، فمع فرض تعيينه يشكل الاكتفاء به عن الواجب، لمعلومية عدم سقوط بالمندوب، اللهم إلا أن يقال بعدم اعتبار هذا التعيين من المكلف، وأنه يكون لغوا لعدم طلب الشارع له وعدم تعلق غرض مخصوص به، فهو لا يشخص أصلا، ولا يرفع صدق الأحدية التي علق بها الوجوب، وأنه بعد أن لم يعتبر الشارع خصوصية في المطلوب تمحضت إرادته مجرد العدد، وإن كان الأمر متعددا فهو في الحقيقة كالأمر الواحد المتعلق بمتعدد، فإنه لو أراد المكلف تشخيص بعض الأفراد باعتبار انحلال ذلك الأمر إلى أوامر متعددة لتعدد متعلقه لم يكن تشخيصه معتبرا، بل هو لغو صرف، وكذلك المقام بعد الفرض المزبور، فتأمل جيدا فإن المقام لا يخلو من دقة، ولم أر من تعرض لتنقيحه على ما ينبغي.
ثم المراد من التسبيحة الكبرى على الظاهر والله أعلم أني أنزه الله ربي العظيم بحمده تنزيها بمعنى أن تنزيهي له بالحمد الذي هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري لا تنزيها مدحيا الذي يقع على غير الاختيار كمدح الجوهرة بالصفاء والبياض ونحوهما، فالواو حينئذ إما زائدة أو حالية، والباء على حالها، والظاهر أن هذا المعنى هو المراد من قوله تعالى حكاية عن الملائكة (1): " ونحن نسبح بحمدك: لا ما حكاه البهائي كما قيل عن جماعة من المفسرين في حبله، قال: ومعنى سبحان ربي العظيم وبحمده أنزه ربي عن كل ما لا يليق بعز جلاله تنزيها وأنا متلبس بحمده على ما وفقني له من تنزيهه وعبادته، كأنه لما أسند التسبيح إلى نفسه خاف أن يكون هذا الاسناد نوع تبجح بأنه مصدر لهذا الفعل تدارك ذلك بقوله: وأنا متلبس بحمدك، فسبحان مصدر بمعنى التنزيه